لبيك يا أقصى



لبيك يا أقصى ، يا مسرى رسول الله صلى الله علية وسلم .



لبيك يا أقصى ، يا أولى القبلتين وثالث الحرمين .



لبيك يا أقصى ، سمعت أناتك وآهاتك وسمعت نحيبك . رايتك تنزف دماً على فقد حبيبك ؛ الفاروق



ــ عمر ــ الذي لو كان بين ظهرانينا ؛ لغير وجه الأرض وملأها عدلا وقسطاً وبراً .



نعم يا أقصى ، أبكى بكائك وأنتحب لحالك ، ويقشعر بدني لما نزل بأحبابك .



سالت دماؤهم ، وهانت أعراضهم ، وانتهكت حرماتهم ، وضاعت هيبتهم ، وفقدوا عزتهم ،



وسلبت حريتهم ، ونهشت كرامتهم ، واغتصبت دولتهم ، و أضحوا فريسة سائغة لأبناء


القردة و



والخنازير ، بينما حكام المسلمين وسلاطينهم يغطون في ثبات عميق ، ونوم سحيق ، شهيقهم ترف



بلا حدود ، وزفيرهم شجب ووعود ، أجساد هاوية , وعقول خاوية ، وعزائم بالية ، ونفوس



بالذل راضية ,



يا صلاح الدين، قم وأسرع الخطى إلى مسرى رسول الله صلى الله علية وسلم ، إلى القدس ، إلى




فلسطين ، شد أزر المجاهدين ، وأشدد على يد أهل فلسطين ، ألم تسمع للأقصى أنين ؟! قم وانفض




عنك غبار السنين . دع قبرك لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو. يخلدون فيه للراحة , فهو لهم جنة





وراحة . فأنت الزعيم , وأنت الأمين , وأنت القائد الشاهد , وأنت التقى , وأنت العابد.




أمة صارت بلا حاكم , يزود عن حياضها ويردع كل ظالم .





قم يا صلاح الدين ، هانت الأمة وزادت الغمة . ولم تنقشع الظلمة . فالكرب زاد . والهم





عاد . والغم ساد . وأصحاب العروش وإن صدقت قل : " أصحاب الكروش غدوا للحق والعدل نعوش





وغدت الرعونة واضحة جلية بلا رتوش "




مؤتمر يتلو مؤتمر , والجبن منهم انهمر . والذل فاض وغمر . والشجب كسيل المطر .




قم يا صلاح الدين , قم فالأقصى أسير , والآمر خطير , والشجب كثير , والفعل حقير .




سالت الدماء الذكية , وهوت أبدان تقية , وغابت ضمائر نقية , واستشهدت أنفس أبية .



ليتك كنت نائما يا صلاح الدين , فيوقظك صراخ الثكلى ونحيب اليتامى ويفزعك عويل الأرامل .



قم يا صلاح الدين ، قم وانظر ما حل بنا ؛ أمة ضاعت ، وعروش باعت ، وفضائح ذاعت ،




وأسرار شاعت ، وبطون جاعت ، وقلوب راعت .




قم يا صلاح الدين , قم كل عام يوقظونك . أيطلب الأحياء من الأموات معونة ؟!



هل ذلت الأسد فينا وأسلمتنا عداها



سلام عليك يا صلاح الدين . سلام عليك يا سليل المجاهدين . سلام عليك حتى نلقى رسولنا محمد رسول



الله رب العالمين إمام



المجاهدين , وقائد الغر المحجلين . نلقاه غير مبدلين . ولا مغيرين, ولا مفرطين , وعلى هدية



سائرين , اللهم آمين .


أوبا ما و جائزة الندامة

عندما قرأتُ وسمعت نبأ إعلان منح الرئيس الأمريكي باراك حسين أوبا ما، جائزة نوبل للسلام لعام 2009، في شهر تشرين الأول

(أكتوبر) الماضي، لجهوده الاستثنائية في تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب؛ كما جاء ذلك في أسباب منح تلك الجائزة من

لجنة نوبل المنظمة لتلك الجائزة، في العاصمة النرويجية أوسلو.

ولسبب بسيط هو أن العالم الغربي، أصبح منافقاً للأسف الشديد، و منحازاً للظالم على حساب المظلوم، والقضية الفلسطينية والصراع

العربي مع الحمل المدلل للغرب وأمريكا 'إسرائيل'، خير دليل على ذلك، فهي أي الدولة العبرية فوق كل القوانين الإنسانية وقرارات الشرعية

الدولية.

ولا نعرف ماهي الجهود التي استحق الرئيس أوباما عليها جائزة نوبل للسلام، وإستراتيجيته بشأن السلام في الشرق الأوسط، لازالت تواجه

بالرفض الإسرائيلي لها، ومجاهرة اليمين الإسرائيلي المتطرف بأنها غير ملزمة للإسرائيليين، أو الحكومة الإسرائيلية، بل لا نبالغ إذا قلنا

أن الحكومة الإسرائيلية قد قتلتها، وهي لا تزال في مهدها كـ مبادرة أمريكية للسلام، حينما حملها المبعوث الأمريكي للسلام إلى الشرق

الأوسط السيد جورج ميتشل، في شهر نيسان- أبريل الماضي، إلى تل أبيب، واعتبرت على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور

ليبرمان، بأنها تدخل خارجي في السياسة الإسرائيلية.

تسليم أوباما جائزة نوبل للسلام يوم الخميس الماضي، في مراسيم أقيمت بالعاصمة النرويجية أوسلو(البلد المانح لها)، وهي عبارة عن

ميدالية ذهبية عيار 18 قيراطاً، وشيك بمبلغ 10 ملايين كرويه سويدية، ما يعادل قرابة 1,42 مليون دولار.

يعد خطأ فادحاً بحق اللجنة المنظمة لهذه الجائزة، والمكونة من خمسة أعضاء، كان قد أمتنع ثلاثة منهم عن التصويت على منح أوباما

الجائزة، ولم يوافقوا إلا بعد ضغوط شديدة، ومعرفتهم بأن أوباما قادم لتسلمها، عقب إخباره بذلك.

نقول خطأً فادحاً لأن الرئيس باراك أوباما لم يقم بأي عملٍ تجاه تحريك عملية السلام في المنطقة العربية (الشرق الأوسط)، أو العالم برمته،

ناهيك عن اتخاذه لقرار قبل أيام يقضي بإرسال 30 ألف جندي أمريكي إضافي للمساعدة في الحرب ضد الإرهاب وتنظيم القاعدة الإسلامي

في أفغانستان. وكذلك خوض بلاده حرباً دموية غير مبررة على العراق العربي، عام 2003، وقتلت مليوني عراقي، وشردت ستة ملايين

آخرين. هذا إذا قمنا بذر الرماد على العيون، وقلنا بأن الولايات المتحدة ليست أكبر دولة نووية؛ استخدمت سلاحها الفتاك، المحرم دولياً ضد

العراقيين المدنيين العزل، والأهداف المدنية(القنابل الفسفورية النيترونية الصفراء الحارقة)، التي سحقت عظام الأطفال العراقيين دون

رحمة، في حربها ضد نظام البعث وصدام قبل ستة أعوام. ويريد الرئيس أوباما أن يضحك على عقول السذج من العرب بقوله في خطاب

تكريمه بانوبل' أن آليات الحرب ضرورية في بعض الأحيان، وخوضنا الحرب لا يعني عدم التزامنا بالأخلاقيات والقيم، وأن السلام هو

ممارسة حرية العبادة والتعبير من دون خوف.' ولم نسمع منه أي ردة فعل حول موافقة غالبية السويسريين، وفي استفتاء عام على منع بناء

المآذن الإسلامية في بلادهم. على الرغم أن عدد المساجد التي لها مآذن في سويسرا لا يتجاوز أربعة، من بين 160 مسجداً؛ وكذلك قرار

حزب الحرية اليميني المتطرف الهولندي، الذي طالب الحكومة الهولندية بإجراء استفتاء على حظر بناء المآذن في المساجد في هولندا، على

غرار الاستفتاء الذي أجرته سويسرا نهاية الشهر الماضي، وبل وذهب زعيم ذلك الحزب إلى ما هو أبعد من ذلك، ودعا إلى حظر القرآن

الكريم أيضاً، وأوباما يقول لنا حرية عبادة، ولا ندري كيف حرية العبادة تلك؟ وأوروبا تشهد تطرفاً غير مسبوق تجاه الدين الإسلامي

ورموزه الدينية ومقدساته كالمساجد والمآذن، ولن نستبعد حتى منع الآذان ولو بصوت منخفض. الرئيس أوباما باعتقادنا لا يستحق جائزة

نوبل

أوباما حتى في استطلاعات للرأي أظهرت أنه لا يستحق جائزة نوبل، وأظهر استطلاع للرأي أن نحو 33.5 في المئة من النرويجيين

يعتقدون ان الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين باراك اوباما لا يستحق جائزة نوبل. وفي الولايات المتحدة اظهر استطلاع أجرته جامعة

كوينيبياك شمل 2313 ناخبا مسجلا ونشر الثلاثاء أن نسبة الأمريكيين الذين يعتقدون ان أوباما لا يستحق الجائزة بلغت 66'.

نشعر بالأسى والحسرة، أن تمنح جائزة نوبل لهذا العام للرئيس الأمريكي باراك أوباما، على أقواله فقط، لا أفعاله، وهي التي كانت تمنح

سابقاً على الأفعال تجاه السلام والبيئة العالمية، لا الأقوال.



صاحب الرسالة



صاحب الرسالة
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله ، وبعد !
إنّ من عباد الله لأناس اختصهم بواسع فضله وعظيم منّه وجميل عطاياه .تحركوا بالدعوة وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها أو يموتوا في سبيلها ،فكانوا مع الدعوة وكانت الدعوة معهم وكانوا بالدعوة وكانت الدعوة بهم وعُرفوا بالدعوة وعُرفت الدعوة بهم ،هؤلاء هم الذين تولدت لديهم حاسة سادسة- أقوى من حواسهم الأساسية – هي حاسة الدعوة ،فهي لا تنفك عنهم في نوم أو يقظة ،في سكون أو حركة ، في رخاء أو شدة ، في فقر أو غنى ، هؤلاء حقاً هم أصحاب الرسالة مشافهةالذين آلات إليهم ملكيتها من مالك الملك مباشرة ، وورثوها عن رسول الله أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليهوأولئك هم مصابيح الهدى .أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين
من علاماتهم أنهم :

1- رهبان بالليل فرسان بالنهار :
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءإن صاحب الرسالة يقضي ليله قائماً ذاكراً اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )إِنَّمَا فهم كما قال الإمام علي كرم رضى الله عنة : [صافونيَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بأية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً ، وظنوا أنها نصب أعينهم ، وإذا مروا بأية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون من الله تعالى فكاك رقابهم ، وأما النهار فحلماي علماء ، أبرار أتقياء .قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ] [ يمسي وهمه الشكر ويصبح وهمه الذكر] . فهم كما وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىوصفهم الحق بقوله تعالى :
الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ .غَرَاماً (65) إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (66)
2- مهمومون بدعوتهم :
فالدعوة قد استحوذت على شغاف قلوبهم ولب عقولهم فامتلئوا باه شغلاً وانشغالاً ، وألهبت عواطفهم حباً ووجداناً ، وزادتهم هماً واهتماماً ، ومع ازدياد هذا الاهتمام تتضاءل باقي الاهتمامات في نفوسهم حتى يستولي على الواحد منهم هم واحد ألا وهو هم الدعوة ، فتراه لا يتكلم إلا بالدعوة ولا يغضب إلا للدعوة ولا يفرح إلا للدعوة ولا يخاف إلا على الدعوة ولا يبكي إلا على الدعوة ، أولئك الذين أخبر عنهم لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَىربهم أنهم ما عليهم من سبيل : وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً . أسوتهم في ذلك حبيب الله المدثر الذي ناداه ربهأَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) : وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ) فقام طيلة عمره رافعاً شعاراً له : (( مضى عهد(6(وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ )7) النوم يا خديجة )) ،(من يحميني حتى أبلغ دعوة ربي ) . وقدوتهم في ذلك صلاح الدين الأيوبي الذي كان يقول :[ كيف أضحك والقدس أسير ؟] وحسن ألبنا الذي كان يقول:[[وقفت نفسي لنشر دين الله في الأرض ]]،[[وددت لو أني أبلغ هذه الدعوة للجنين في بطن أمه ]] وكان يصف المجاهد :[ شخصاً قد أعد عدته وأخذ أهبته وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحي نفسه وجوانب قلبه فهو دائم التفكير عظيم الاهتمام ، على قدم الاستعداد أبداً ، إن دعي أجاب ، وإن نودي لبى ، غدوه ورواحه ، وحديثه وكلامه ، وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته ، يجاهد في سبيلها ، تقرأ في قسمات وجهه ، وترى في بريق عينيه ، وتسمع من فلتات لسانه ما يدلك على ما يضطر في قلبه من جوٍ لاصق وألم دفين وما تفيض به نفسه من عزمه صادقة وهمة عالية وغاية بعيدة ، أما المجاهد الذي يأكل ملء ماضغيه ويضحك ملء شدقيه وينام ملء جفنيه ويقضي وقته لاهيا لاعباً عابثاً فهيهات أن يكون من المجاهدين أو في عداد الفائزين ] .
3- يسحرون إمكانياتهم لخدمة دعوتهم :
فهؤلاء علموا يقيناً أن التجارة مع الله هي التجارة الرابحة وهي طوق النجاة كما قال سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) من أجل ذلك قرروا دون تردد أن يتاجروا مع الله(ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (12) برأس مالهم كله ، فوضعوا كل ما يملكون من إمكانيات وقدرات تحت تصرف الدعوة وحرصوا كل الحرص أن تكون لهم بصمة الدعوة في أي مكان يتواجدون فيه فعملوا لها على مسار حياتهم فألقوا السلام وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ونصروا المظلوم ونصحوا لله ورسوله وحببوا الله إلى الخلق وقربوا الناس إلى الخالق ، إذا رأى الواحد منهم فتوراً نفخ فيه من روحه ليقوى ، وإذا رأى انحرافاً صاح به ليستقيم ، ترقبوا الفرص فأصدع بما: وتخيروا مداخل النفوس ليصدعوا بدعوة الله ملبين نداء الله لرسوله ، استقر في وجدانهم وعشش في عقولهم أن هذا المكان إن لمتؤمر وأعرض عن المشركين
يشهد لي فسوف يشهد عليّ وهذه الوظيفة لم تكن لي فسوف تكون عليّ ، وتلك الوقفة إن لم تكن في حسناتي فربما تكون في سيئاتي ، فأقسموا بالله أن يشهد لهم الزمان والمكان والحجر والشجر والأنس والجن والموج والهواء .
4- يعطون ولا ينتظرون من أحد عطاء :
إن موظف الحكومة أو عامل الأجرة كثيراً ما يسأل نفسه ماذا أخذت من وظيفتي أو من حرفتي ؟ ونادراً ما يسأل نفسه ماذا أعطيت ؟ أما صاحب الرسالة فدائماً ما يسأل نفسه –مستقلاً ما قدمه – ماذا أعطيت لدعوتي ؟ وماذا قدمت لآخرتي ؟ وماذا يمكن أن أعطي ؟ وماذا بقي لم أعطه ؟ فهو لا يستكثر عليها وقتاً ولا جهداً لأنه يعتبر نفسه : ( رباطفي رباط دائم ويحتسب ذلك عند رب العزة سبحانه ممنياً نفسه بقول النبي يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ) متفق عليه . وهو في نفس الوقت حريص كل الحرص على الدقيقة بل على اللحظة أن تذهب سدى في غير طاعة فهو يخرج من تكليف إلى تكليف ومن طاعة إلى طاعة ، حتى إن أحدهم كان يقول : [أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يستأثروا به دوننا كلا والله لتزاحمنهم عليه زحاما حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالا] ، وكان صفوان بن سليم قد تعقدت ساقاه من طول القيام وبلغ من الاجتهاد ما لو قيل له القيامة غدا ما وُجد متزايدا ، وما ذلك بغريب على من تحصنوا وَيُطْعِمُونَبدرع الإخلاص ولبسوا رداء التجرد أملين أن يتحقق فيهم وصف ربنا الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11) وجزأهم وأن ينتسبوا إلى سجل المخلبِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12)صين الذين أرادهم الإمام ألبنا بقوله [ وأريد بالإخلاص :أن يقصد الأخ المسلم بقوله وعمله وجاهده كله وجهَ الله، وابتغاءَ مرضاته وحُسْنَ مثوبته، من غير نظرٍ إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدُّم أو تأخُّر، وبذلك يكون جندي فكرة وعقيدة لا جندي غرض ومنفعة] .
5- يقدمون الدعوة في اختياراتهم :
إن الله عز وجل قدم أشياء على أشياء وفرائض على فرائض ، وصاحب الرسالة يعلم أن الدعوة عند الله لها المكانة الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِالعظمى ، من أجل ذلك انتدب لها خيرة خلقه اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً وعدّها الله من أحسن الأقوال بقوله تعالى : حَسِيباً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ولذلك تبوأت الدعوة مكانة الصدارة في اختيار أصحاب الرسالة فهيالْمُسْلِمِينَ عندهم التي ترجح وظيفة على أخرى أو قراراً على غيره أو اختياراً دون سواه ، وإن هذا التقديم الذي جعل سيدنا صهيب رضي الله عنه ينخلع من كل ثروته دون تردد مهاجراً إلى ، وهو أيضاً الذي جعل سيدنا عثمان بن مظعون يفضل الأذى على منعة الجواررسول الله مردداً : [ إن عيني الأخرى لفقيرة لما أصاب أختها في الله ] ، وهو كذلك الذي جعل سيدنا مصعب يتجرد من كل مظاهر الرفاهية دون تباطؤ ، كما أنه هو الذي جعل الشاب – السيد منصور – سنة 48 أثناء جهاد الإخوان على أرض فلسطين يختم حياته شهيداً وهو يردد حتى آخر نفس : [ اللهم انصر دعوتنا وبارك أخوتنا ووفق مرشدنا ] .
6- يستشعرون المسئولية عن الكون كله :
إن طارق بن زياد بعد فتوحات أفريقيا وقف بجوده على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ناظراً إلى عمق البحر ، وهو يهتف قائلاً : [ اللهم لولا هذا البحر لفتحت الدنيا من أجلك اللهم فاشهد ] ، فما الذي جعله يستشعر المسئولية تجاه الدنيا إلا أنه اعتبر نفسه صاحب رسالة ولم لا وهو يتأسى برسول الله الذي علمه وعلمنا أن نقول صباح مساء: (اللهم ما أصبح -ما أمسى - بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك فلك الحمد ولك الشكر) ، ولم لا يفعل المسلم ذلك وقد وجدنا الفاروق يقول : [ لو أن بغلة عثرت في طريق العراق لوجدتني مسئولاً عنها ] ، ولم لا وهذا خامس الخلفاء الراشدين دخلت عليه فاطمة بنت عبد الملك- زوجته- وهو جالس فى مصلاه واضعًا خده على يده ودموعه تسيل على خده فقالت:مالك؟ فقال : ويحك يا فاطمة!، قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت فتفكرت فى الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود واليتيم المكسور والأرملة الوحيدة والمظلوم المقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير والمال القليل وأشباههم فى أقطار الأرض وأطراف البلاد، ، فخشيت أن لافعلمت أن ربى عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة. وأن خصمي دونهم محمد تثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت.
وختاماً أيها الأحباب :
فهؤلاء هم خلاصة البشرية وهم صفارة الإنذار التي تنذر بالخطر قبل حدوثه وهم صمام الأمان للدنيا بأسرها وهم رحيق الدعوة إذا ظمئت وطعامها إذا جاعت ، فاجتهد أن تكون منهم فإن لم تكن منهم فتلمس طريقهم وفز بفضل صحبتهم فلعل نفحة من رضا رب البرية أن تصيبك وأنت معهم ، فبمثلهم يتنزل النصر ويكشف الضر ويعم الخير وينتشر الأمن والإيمان


والحمد لله على نعمة الاسلام وكفى بها نعمه

وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين .



تقبل الله منا ومنك





كل عام والامة الاسلامية والعربية بخير وسعادة وسرور وبشر

كل عام وانتم إلى الله وجنته ورضوانه اقرب

وكل عام وانتم وكل ذويكم من المسلمين بخير

تقبل الله منا ومنكم صالح الإعمال

اللهم اجعل عيدنا هذا عيد صلاح للقلوب ، وإصلاح للأحوال ، وتحرير لمقدسات الإسلام ،

ونصرة للمسلمين ، وفك لأسرانا ، ورجعة إلى كتاب الله وسنة نبينا الأكرم ، وشفاء


لمرضانا ، ورحمة لموتانا ، وهداية لشبابنا وولاة أمورنا ووحدة لصفوفنا وجمعا


لشتاتنا ، وصلة لأرحامنا إنك ولي ذلك والقادر عليه _ رضي الله عني وعنكم وأرضاني وأرضاكم

الكرة والفتنة بين الشعوب




قديما قال بعض الفلاسفة 'الدين أفيون الشعوب..' فهل يجوز لنا اليوم أن نقول الكروة تعصب أعمى، وفتنة بين الشعوب ما حدث خلال الأسابيع الماضية من أحداث مزرية، ومخجلة بين شعوب عربية وصلت شرارة التعصب والغليان إلى عقول المسئولين العرب وهذا طبيعي ومنطقي لأنه من المسلمات في وطننا العربي الكئيب والمفكك طالما يستخدمون الرياضة لخدمة السياسة.. ففي إطار تصفيات كأس أمم إفريقيا والعالم اشتغلت ماكينة معظم وسائل الإعلام العربية، وتحررت من القيود التي تكبلها خارج المجال الرياضي ...فالحديث عن الكرة ليس له حدود.. فقامت الدنيا ولم تقعد...واشتعلت النيران من كل المشاركين في هذه التصفيات القارية الكل يبحث عن الفوز والترشح للنهائيات وكأنهم سيخرجون هذه الشعوب من جحيمها وفقرها وتخلفها...وستحل كل أزماتنا التي طال أمدها.
لقد تموضعت كلا الجهتين واحدة لإشعال الحريق،والجهة المقابلة تصب الزيت.. وكلاهما يريد أن يقوم بمهمته على الوجه الأكمل، وبزيادة بلا نقصان.. وانشغلت كل الجماهير،العربية من المحيط إلى الخليج بمتابعة المقابلات الكروية، وغابت في هذه الزحمة كل المشاكل التي نعاني منها الأمرين.. فصارت هذه الشعوب لا حديث بينها إلا على الكرة.. فهي تأكل كرة، وتتنفس كرة.. وتنام وتستيقظ على وهم الجلد المدور لا غير .. ولا يعني الفقير منها إن بات أبناؤه يتضرعون جوعا .. فقد أشبعهم كرة إلى حد التخمة.. أومأت ألاف البشر من هذه الأمة ظلما وبهتانا.. أو انتهكت أعراضنا ودنست مقدساتنا..لا يهم.
من المضحك المبكي، أن يصل الأمر بدولتين شقيقتين إلى حد استدعاء السفراء والاحتجاج على العنف المتبادل وكأنهما قبيلتان كالأوس والخزرج .. أو فريق الملائكة سيتقابل مع فريق الشياطين....ومصير هذه الأمة المسكينة معلقا بالترشح لنهائيات كأسي إفريقيا والعالم من خسروا دخلوا جهنم وبأس المصير ....ومن كسب فجنة الخلد تنتظرهم، سيدخلونها بسلام آمنين.. حصل كل الذي حصل نتيجة عدة عوامل منها الجهل والسذاجة،والتعصب وحب الانتماء الرياضي المفرط،و غير المبرر ... لكنه في حقيقة الأمر مقنن،وبنوايا مبيتة سلفا من الذين تعودوا على استغلال مثل هذه الفرص لتغيير وجهة الشعوب المقهورة،والمكبوتة ... نحو فضاء واسع أسمه 'الكرة 'وما أدراك ما الكرة عند ساستنا ومهندسي شبكة التنويم المغناطيسي .... لتفريغ شحنة الصمت بالألم اللتين تعاني منهما الشعوب العربية إلى حد الرثاء.
ليس العيب في الجماهير الرياضية التي وجدت مجالا للصراخ...،وتعلن الرفض والقبول اللذان لا تعرفهما إلا في ملعب كرة القدم لا غير له، ولا بديلا عنه.. فخرجت عن صمتها الذي طال كثيرا وفقدت الأمل في كسر هذا الحاجز الحديدي الذي أقامه من تعلموا فنون تكميم الأفواه فأصبح الشعب أخرس وأصم.. وهي تعلم علم اليقين أنها لن تحاسب على ما تفعله خيرا أو شرا، ولن يزج بهم في السجون بعد أن ينالوا نصيبهم من عصا البوليس الغليظة التي تعودوا عليها كلما فكروا في الخروج عن هذا الصمت القاتل للاحتجاج على انعدام لقمة العيش المفقودة...أو للمطالبة بحقهم في حياة كريمة كبقية شعوب العالم الحر الذي لا تعرف شعوبه الصمت والقمع.. أو حتى للتنديد على حرب أو مصيبة لحقت بجزء من هذه الأمة من أخوتنا'في النسل والدين.. بل العيب في هؤلاء الذين عن سوء نية حولوا 'الكرة' إلى غاية وهدف سياسيين، وسخروا لها كل الإمكانيات المادية والإعلامية من أجل إدخال هذه الشعوب في نفق مظلم لا يبصرون فيه نور الساسة والسياسيين وما يفعلونه تحت جناح الظلمة الحالكة.. ومشاكل بلداننا وأهم الاستحقاقات المصيرية التي لم ولن تحلها انتصارات الكرة ولو تعددت هذه الانتصارات الرياضية رغم أهميتها وضرورتها...
وللأسف الشديد سقطت في الفخ العديد من وسائل الإعلام وأصبحت تخصص يوميا الساعات الطوال في التحاليل للمقابلة ونتيجتها، والنقاشات الساخنة والحوارات النارية بلا كلل أو ملل دون أن نسمع لها صوتا في أمهات القضايا الوطنية والقومية البالغة الأهمية ...هذا إذا كانوا يرغبون في أن تكون شعوبنا واعية بمشاكلنا وقضايانا المصيرية.
لقد وظف الساسة الرياضة ومن ورائها الإعلام الأصفر الذي لا لون له، ولا طعم ولا'حتى رائحة.. للشحن 'والتخدير الجماهيري 'من أجل تغيير أبصارهم المحدقة بقوة نحو الأوضاع الداخلية والخارجية المتردية التي تنتظر من أصحاب القرار مبادرات وحلول للهوان الذي تعيشه شعوب هذه الأمة وهم غير قادرين على أكثر من تغييب فكر الشعب والذهاب بيه نحو 'مانش كرة ' سيشغل هذه الجماهير في حالتي الربح والخسارة وستبقى نتيجته محور حديث الشارع عوضا عن مواضيع أخرى لا رغبة للسلطة في التفات إليها ولو بنصف عين... .فصارت معظم القنوات العربية مجندة بشكل يوحي وكأن بلداننا مقبلة على حرب أو كارثة 'عفانا وعفاكم الله من الكوارث' لأن لهذه الأمة من المآسي ما يكفيها وزيادة.
لقد أصبحت الرياضة وخاصة 'كرة القدم' في وطننا العربي جزء من سياسة التغييب الفكري وإستراتيجية ممنهجة من أجل تحويل اهتمامات الشعوب إلى موقع آخر لا يسمن ولا يغني من جوع... وأداة قمعية غير مباشرة تمارس على الشعب دون وعي أو إدراك منه بغاياتها وأهدافها المسمومة أما في المفاهيم الغربية ليس هناك استغلال سياسي للرياضة من أجل تمييع الشعب وترويض عقله كما لا يوجد تداخل بين الرياضة والاستحقاقات بل على العكس هي في خدمة توعية الشعب وتثقيفه رياضيا وأخلاقيا ومعرفيا لأنهم ليس لديهم ما يخفونه عن شعوبهم، ولا يتآمرون عليها من أجل تمرير عمل ما لا تقبله،ولا توافق عليه . فتجد في نفس اليوم'جماهير تشاهد مباريات كروية، وأخرى معتصمة في الشوارع والساحات تطالب بما تفتقده من ضروريات أو مطالب محقة... ولا هذه تفسد تلك...
وأحيانا أخرى يستغل الغرب التظاهرات الرياضية العالمية وانشغال شعوبنا بمتابعتها لتمرير اتفاقيات،أو أملاءات أو حتى اعتداءات عسكرية مثل ما قامت بيه إسرائيل من اعتداء همجي وحشي على الفلسطينيين خلال تصفيات كأس العالم الماضية حتى تريح حكامنا من أعباء مطالبات شعوبنا بالتدخل لوقف العدوان...وكذلك ما حصل في العراق عندما توج الفريق العراقي لكرة القدم بلقب آسيوي منحوه إياه فتزامن ذلك التتويج الوهمي بتفجيرات دموية جابت بلاد الرافدين تحصد أرواح المئات من الأبرياء وقادة المنطقة الخضراء ومن ورائهم المحتل يشيدون بالفريق العراقي وبتتويجه من أجل التضليل بأن العراق على درب التتويج والنجاحات،واحتلاله نعمة وليس نقمة رغم الدماء الزكية التي سالت حينها ولازالت تسيل يوميا في كامل عاصمة العروبة بغداد.

الثقة عند الاخوان المسلمين

ثقتنا فى القيادة ليس لا حدود




بين يدي الموضوع

قالوا في القاموس أنها : ( الإحكام في الأمر ) ، ولك أن تتأمل في أحد تكويناتها وهي كلمة ( الوثاق ) و هو القيد أو الحبل يُشد به الأسير والدابة !! ، وفي القاموس المحيط : وثق بمعنى ائتمن !!! والوثيق أي المحكم !!! . ومن هنا تأتي خطورة المصطلح !!

فالثقة اصطلاحاً : هي والاطمئنان والائتمان وما يتبع ذلك من تصديق وانقياد !!! ، و هذه الكلمات الخطيرة !! هي ما ينبغي أن يستحضره الأخ العابد العامل لدين الله عز و جل وقد ارتضي لنفسه السير في ركب الحركة الإسلامية !! قبل أن يعطي الله العهد والميثاق علي خوض غمار التحدي والسير في طريق الجنة بما ارتضاه لنفسه من فهم وعمل !! يقول الإمام حسن البنا في الثقة (الركن العاشر) من أركان البيعة ما يلي: (وأريد بالثقة اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه، اطمئنانا عميقا ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة، )فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما.

ومن تعريف الإمام للثقة يتضح أنها اطمئنان عميق، ولفظ الاطمئنان يشيع في النفس السكينة والهدوء، ولأنه اطمئنان عميق فهو يلاحق كل بذور القلق أو بقايا الشك في النفس فيدمغها فإذا هي زاهقة، فلا يبقى في النفس إلا هذا الاطمئنان والقائد جزء من الدعوة ولا دعوة بغير قيادة، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة، وإحكام خططها ونجاحها في الوصول إلى غايتها، وتغلبها على ما يعترضها من عقبات وصعاب )فأولى لهم، طاعة وقول معروف(. وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة، ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعا، والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات، ولهذا يجب أن يسأل الأخ الصادق نفسه هذه الأسئلة ليتعرف مدى ثقته بقيادته:

1- هل تعرّف إلى قائده من قبل ودرس ظروف حياته؟

2- هل اطمأن إلى كفايته وإخلاصه؟

3- هل هو مستعد لاعتبار الأوامر التي تصدر إليه من القيادة في غير معصية (طبعا) قاطعة لا مجال فيها للجدل ولا للتردد، ولا للانتقاص ولا للتحوير، مع إبداء النصيحة والتنبيه إلى الصواب؟

4- هل هو مستعد لأن يفترض في نفسه الخطأ وفي القيادة الصواب، إذا تعارض ما أُمر به مع ما تعلم في المسائل الاجتهادية التي لم يرد فيها نصٌ شرعي؟

5- هل هو مستعد لوضع ظروفه الحيوية تحت تصرف الدعوة؟ وهل تملك القيادة في نظره حق الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة؟ وبالإجابة على هذه الأسئلة وأشباهها يستطيع الأخ أن يطمئن على مدى صلته بالقائد، وثقته به، والقلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء )لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكن الله ألّف بينهم إنه عزيز حكيم).

الاختبار واجب وضروري !!

وهو ما دلتنا عليه التجارب !! وجولات التدبر في أحوال العباد !! فلابد أن تكون الثقة معلقة بميزان الشرع وأحكامه كما هي معلقة أيضا بضوابط العقل ورشده !! ثم بعد ذلك تجارب القيادات والأفراد واقترابهم من واقع الحكمة !!

والثقة والتي هي ركن ركين من أركان البيعة الدعوية الحركية هي تواصل تاريخي لما أراده الله من عباده قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على" بصيرة أنا ومن اتبعني !!! وهي حصاد التجارب والخبرات والفقه والوعي والثقافة والسير في الأرض ؛ ومن ثم فلا اهتزاز ولا زلازل تؤثر فيمن وعي الأمر وأمسك بتلابيبه !! وهنا نقف متأملين حال هذا الركن العجيب !! ونتأمل ترتيبه المتصاعد بين جملة الأركان إذ هو حصادها جميعا ونتاج النجاح فيها جميعا .. وبه تتأكد نظرية ( الترتيب المقصود !! ) للأركان وهو أحد عبقريات الإمام البنا !! والحركة الإسلامية كلما مرت بمرحلة يستهدفها فيها الظالمون ويتربصون بها نجد أنفسنا في حاجة للتأكيد علي الأركان عامة وركن الثقة علي وجه الخصوص !! ربما لأنه مطمع الظالمين فينا !! فخلخلة الصف وإفقاد القيادة هيبتها وإشاعة الأراجيف عنها هو مطمعهم !! وهو ما سنتحدث عنه تباعا إن شاء الله تعالي !!

أولا- الثقة بالله تعالى

وهي الإيمان القوي، والاعتقاد الجازم، واليقين الثابت، والاطمئنان القلبي بالله وحده، وبقدرته، وقوته وعزته، وحكمته، وأنه جل وعلا هو الحق وما عداه باطل، وأن هداه هو الهدى، وليس بعد الهدى إلا الضلال، وأنه لا ناصر إلا الله، ولا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، وأنه من حفظ الله حفظه الله، ومن توكل عليه نصره، وأن كل ما يقدره سبحانه فهو الخير، وأن العاقبة للمتقين، وأنه لا عدوان إلا على الظالمين. والثقة في الله وحده هي الركيزة الأساسية والعمود الأساسي الذي تعتمد عليه الدعوات، وهي عصب النهوض والنجاح في الرسالات. وفي حياتنا المعاصرة نحتاج إلى جرعات إيمانية قوية، وثقة عالية مطلقة بمالك الملك جل جلاله، فإن ما يحدث لأمة الإسلام من أزمات وشدائد، ومن تمزق واختلاف لهو من الأمور الخطيرة، خاصة وقد تعمقت الخلافات، وتشعبت الاتجاهات ووصلت هذه الأمراض إلى صميم حياة الشعوب، فلا برّ ولا تعاطف، ولا تواصي بالحق، ولا أمر بالمعروف، ولا نهي عن المنكر حتى ظن البعض أن الاعتماد على المخلوق هو العملة الرابحة، فضاعت القيم واشتد البلاء وعظم الأمر. إن رحمات الله عز وجل يجدها من يفتحها الله له في كل شيء، وفي كل وضع، وفي كل حال، وفي كل مكان.. يجدها في نفسه، وفي مشاعره، ويجدها فيما حوله، وحيثما كان، وكيفما كان. ولو فقد كل شيء مما يعده الناس فقده هو الحرمان.. ويفتقدها من يمسكها الله عنه في كل شيء، وفي كل وضع، وفي كل حالة، وفي كل مكان. ولو وجد كل شيء مما يعده الناس علامة الوجدان والرضوان! وما من نعمة -يمسك الله معها رحمته- حتى تنقلب هي بذاتها نقمة. وما من محنة -تحفها رحمة الله- حتى تكون هي بذاتها نعمة.. ينام الإنسان على الشوك -مع رحمة الله- فإذا هو مهاد. وينام على الحرير -وقد أمسكت عنه- فإذا هو شوك القتاد. ولا ضيق مع رحمة الله. إنما الضيق في إمساكها دون سواه. لا ضيق ولو كان صاحبها في غياهب السجن، أو في جحيم العذاب أو في شعاب الهلاك. ولا وسعة مع إمساكها ولو تقلب الإنسان في أعطاف النعيم، وفي مراتع الرخاء. فمن داخل النفس برحمة الله تتفجّر ينابيع السعادة والرضا والطمأنينة، ومن داخل النفس مع إمساكها تدب عقارب القلق والتعب والنصب والكد والمعاناة).

التفاؤل نهجنا

المؤمنون بالله لا يعرفون اليأس، وما يدرينا لعل ما ينزل بالعالم الإسلامي فيه الخير الكثير، قد لا يظهر عاجلا ولكنه سيظهر آجلا بإذن الله، ونحن على يقين في أن الله لن يخذل المؤمنين، العاملين، الذين ينصرون دينه، ويبذلون في سبيله، ولا يتأخرون عن بذل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. جاء في الحديث: (والذي نفسي بيده ليفرّجن الله عنكم ما ترون من الشدة، وإني لأرجو أن أطوف بالبيت آمنا، وأن يدفع الله إلي مفاتيح الكعبة، وليهلكن الله كسرى وقيصر، ولتنفقن كنوزها في سبيل الله). إن الحق سبحانه وتعالى ميز المؤمنين بصفات وأخلاق ومن أعلاها - بعد الإيمان به - الثقة في وعده ونصر دينه، وهذه الصفة تظهر في الأزمات والشدائد التي تمتحن فيها أصالة الرجال ومعادن الناس، وها هو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وهو في أعلى درجات الحصار في المدينة، وقد أحاطتها جيوش الكفر التي تكالبت عليها من خارج المدينة، ثم تآمرت اليهود معها في داخل المدينة، ها هو صلى الله عليه وسلم يعد أصحابه في هذه الأهوال، بفتح فارس، والروم واليمن، فحين ضرب بمعوله حجرا عريضا طار منه كهيئة الشهاب من النار، وضرب الثانية فخرج مثل ذلك، وضرب الثالثة فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ما خرج في كل ضربة ضربتها؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تفتح عليكم بيض المدائن، وقصور الروم، ومدائن اليمن).

المستقبل لهذا الدين

نعم المستقبل لهذا الدين، فالذي يظن غير هذا بعيد عن الصواب، قد ضعف الإيمان في قلبه وتزعزعت ثقته بخالقه الذي قال: )ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون. إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين(. وكيف لا يكون النصر لدين الله وهو سبحانه وراء الحق وهو ولي أصحابه )ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم(. إن الحق سبحانه وتعالى لا يقبل من عباده اليأس من رحمته وقدره ونصره، قال تعالى: )من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبنّ كيدُه ما يغيظ(. يقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: (من كان يظن أن الله ليس بناصر محمدا وكتابه ودينه، فليذهب فليقتل نفسه إن كان ذلك غائظه، فإن الله ناصره ولا محالة). ألا إنه لا سبيل إلى احتمال البلاء، إلا بالرجاء في نصر الله. ولا سبيل إلى الفرج إلا بالتوجه إلى الله. ولا سبيل إلى الاستعلاء على الضر، والكفاح للخلاص إلا بالاستعانة بالله).

وأولى الناس ثقة بالله أنبياء الله:

• سيدنا إبراهيم عليه السلام يترك زوجه وابنه بواد غير ذي زرع.. فتسأله زوجه: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا؟ وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا. • سيدنا موسى عليه السلام يطارده فرعون وجيشه )فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدرَكون، قال كلا إنّ معي ربي سيهدين(. • والنبي محمد صلى الله عليه وسلم محاصر في الغار، يطارده المشركون، وأبو بكر رضي الله عنه يقول: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا. قال: اسكت يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟

ثانيا- الثقة في المنهاج

أما المنهج فقد رسمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وكلما اشتد الكيد والصد جدد السائرون العهد هاتفين بشعار الموقنين: (فتوكل على الله إنك على الحق المبين)فهو منهج من عند الله ونحن نجزم بأنه الحق المبين على سبيل الإجمال والتعميم تصديقا لقوله تعالى: )والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير(، ونجزم كذلك بأن كل جزئية من هذا المنهج هي حق مبين نتعامل معها بيقين. • أبو الدرداء رضي الله عنه أخبروه يوما باحتراق داره ففاجأهم بقوله: (ما احترق، ما كان الله ليفعل، لكلمات سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم، من قالها حين يصبح لم تصبه مصيبة حتى يمسي، ومن قالها حين يمسي لم تصبه مصيبة حتى يصبح). ثم انطلق معهم موقنا، فإذا بالدور قد احترقت، وداره بينها لم يلحقها أذى.

ثالثا- الثقة بالرسول

القائد منذ اليوم الأول الذي تفضل فيه رب العزة، فأنزل تعاليمه على قلب نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه.. وهذه الدعوة تُجابه بالتشكيك بالمنهج والقائد.. • فما أن يعلن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمر ربه )فاصدع بما تؤمر(، حتى تعلن قريش ومن حازبها كفرهم بما يقول )بل يريد الإنسان ليفجر أمامه(. • ومع استمرار النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته.. انعقد مجلس شورى المشركين في مكة، يتفقون على خطة يشككون فيها بالقائد، قالوا: نقول كاهن.. وقال بعضهم: مجنون.. وقالوا: بل نقول شاعر.. أو ساحر.. المهم عندهم أن يشككوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه مرسل من السماء لهداية الأرض. • استخدموا كل الوسائل في محاربة الدعوة والداعية: السخرية منه وتحقيره، وتشويه تعاليمه، وإثارة الشبهات حوله، ومعارضة القرآن بأساطير الأولين، واستخدام بنات الهوى لصد الرجال عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فعلوا ذلك.. فكان جواب القرآن عليهم: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون)• اضطهدوه فصبر، وعذبوا إخوانه عذابا لا تطيقه الجبال فاحتسبوا، وكلهم يردد قولة بلال رضي الله عنه: أحد أحد. • بعث إخوانه إلى الحبشة في جوار ملك عادل، فأرسلوا رسلهم يؤلبون النجاشي عليهم. • هددوا أبا طالب.. وقاطعوا بني هاشم.. وأخيرا قرروا قتل النبي صلى الله عليه وسلم. كانوا يشككون بالمنهج وبالقائد.. لا عن قناعة بأن المنهج خطأ.. ولا بأن رسول الله كذاب.. ولكنه الظلم والجهل والكبر.. لخص الأمر أبو جهل عندما قال: (تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه )فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون(. • وكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حاسما قاطعا مثّله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لعمه: (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه). وعبر عن ذلك القرآن الكريم فقال تعالى: (ص. والقرآن ذي الذكر. بل الذين كفروا في عزة وشقاق. كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص. وعجبوا أن جاءهم منذر منهم، وقال الكافرون هذا ساحر كذاب، أجعل الآلهة إلها واحدا، إن هذا لشيء عجاب. وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد. ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق) لقد كفر المشركون.. منعهم الكبر والجهل والغرور عن الإيمان بالمنهج وبالقائد.. وأما المؤمنون المسلمون عبر العصور فقد آمنوا بالمنهج وآمنوا بالقيادة الإسلامية المتمثلة في النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كل قيادة إسلامية تأتي من بعده تؤمن بهذا المنهج.. وتترسم خطاه. كانت الثلة المؤمنة تثق بقائدها ثقة عظيمة هي جزء من إيمانهم بربهم وبعظمة دعوتهم وسمو قيادتهم..

رابعاً- الثقة بكل قيادة راشدة

والثقة بقيادة المصطفى صلى الله عليه وسلم هي جزء من العقيدة.. والثقة بكل قيادة إسلامية تتأسى به، وتسير على دربه، وتهدف إلى إقامة الدين في الأرض.. هي السبيل الوحيد إلى النجاح والفلاح. وتزداد الحاجة إلى هذه الصفة إلحاحا في أوقات المحن والابتلاءات، فحين تستعر حرب المبطلين، ويشتد تضييقهم على جند الحق، تخفف الثقة في معية الله وتأييده ونصره، والثقة بالقيادة الراشدة، من شدة الوطأة وألم الصراع، وحين تتوالى محاولات الدس والوقيعة فإن الثقة بين القيادة والجنود هي وحدها التي تحبط هذا الكيد. • لقد اختلف عمر مع أبي بكر رضي الله عنهما في شأن مانعي الزكاة، وكان جل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون رأي عمر في عدم قتالهم، ومع ذلك فإن عمر ما كاد يرى أبا بكر مصرا على قتال مانعي الزكاة حتى قال قولته المعروفة التي تعبر عن ثقة كاملة (فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق). ولو لم يكن عمر على هذا المستوى الكريم من الثقة والطاعة لسولت له نفسه أن الحق معه هو، فقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه). وما أحوجنا نحن أن نتذكر ذلك إذا اختلف رأينا مع أننا لم نسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن أحد منا أن الله جعل الحق على لسانه أو قلبه. • وقد رأينا هذه الثقة في موقف خالد بن الوليد مع الخليفة عمر رضي الله عنهما إذ بدا لعمر أن يعزل خالدا، وهو في أوج انتصاره إبان فتح الشام حفاظا على قلوب المسلمين من الفتنة بخالد الذي لم يذق طعم الهزيمة قط في جاهلية ولا في إسلام، وتأكيدا على الحقيقة الإيمانية الثابتة: )وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم(، وقد كان أمر العزل هذا شديد الوطأة على خالد رضي الله عنه، ومع هذا تظهر جنديته المدهشة فيمتثل الأمر توا، وتزداد دهشتنا حين قيل له، وهو في هذا الموقف العصيب (صبرا أيها الأمير، فإنها الفتنة)، فيرد مؤكدا ثقته المطلقة في قائده عمر: (أما وابن الخطاب حي فلا). إن من أخطر الوسائل التي يلجأ لها العدو الماكر (وهو يحارب الدعوة)، أن يضربها من داخلها، وخير ما يعينه على ذلك فقدان الثقة بين الجند والقائد، فإذا فقدت الثقة، اهتز في نفوسهم معنى الطاعة، وإذا فقدت لم تعد هناك قيادة ولا جماعة. وليحذر الأخوة -أبناء الدعوة- مما يوسوس لهم الشيطان، فيظنون أن التصدي للقيادة، والتشهير بها وبقراراتها، دليل على مقامهم وعمق فهمهم.. فقد استخدمهم الشيطان في تفريق الصف عن وعي منهم أو بدون وعي..

ويقول أيضا رحمه الله:" أيها الإخوان المسلمون وبخاصة المتحمسون المتعجلون منكم: اسمعوها مني كلمةً عاليةً داويةً من فوق هذا المنبر في مؤتمركم هذا الجامع: إن طريقكم هذا مرسومة خطواته موضوعة حدوده. ولست مخالفاً هذه الحدود التي اقتنعت كل الاقتناع بأنها أسلم طريق للوصول، أجل قد تكون طريقاً طويلةً ولكن ليس هناك غيرها. إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرةً قبل نضجها أو يقتطف زهرةً قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلي غيرها من الدعوات. ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك علي الله، ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين: إما النصر والسيادة، وإما الشهادة والسعادة." [رسالة المؤتمر الخامس]

وبذلك بث الإمام في أجيال الدعاة جيلا بعد جيل ثقة راسخة في المنهج، فلا تزعزع قناعة الداعية مقولة متشكك أو صيحة متهور، بل هو مستغرق في عمله الدعوي ويعلم علم اليقين أن عمله هذا هو لبنة في صرح الدعوة الشامخ! فهو ينشيء شبلا أو يربي طالبا أو يجهز رسالة دعوية أو يوزع مجلة وعينه على إقامة الخلافة وأستاذية العالم، وبغير هذا الشبل أو هذا الطالب أو هذه المجلة فلن تقوم خلافة ولن تعود سيادة! إنها ثقة في المنهج تقطع الطريق على كل حاقد يثير الشبهات وتوصد الباب أمام كل عدو يريد بلبلة الأفكار أوجاهل يثير زوبعة في الأدمغة! ولئن كانت الثقة في المنهج والفكرة ملمح من ملامح ركن الثقة، فإن لهذا الركن أيها الأخ المبايع: ملمحين أخرين هما الثقة في كفاءة القيادة، والثقة في إخلاص القيادة. فأما الثقة في إخلاص القيادة، فأصلها الشرعي القاعدة الشرعية " حسن الظن بكل مسلم"، وفي الحديث"إن حسن الظن من حسن العبادة" [رواه أحمد] فإذا كان المنوط بكل مسلم أن يحسن الظن بكل مسلم، فإنه أوجب على الداعية أن يحسن الظن في رفاق الدرب إخوة الصف ، وأوجب من ذلك أن يحسن الظن في قيادات الدعوة ومسؤولي العمل. وأما نزغ الشيطان وهوى النفس في سوء الظن فهذا مما نهى عنه رب السموات والأرض في جملة المحرمات التي ذكرها الله في سورة الحجرات،،"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثم..." [12

] وفي الحديث" إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث" [البخاري] ويهمس بها الفاروق رضي الله عنه في أذن من مسه طائف من الشيطان فتخرص وأساء الظن وصدق شائعة من هنا أو هناك ،،" لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرا ، وأنت تجد لها في الخير محملا ً" وأما الثقة في كفاءة القيادة،،، فهي تنبع أصلا من الثقة في كيان الدعوة ككل، فيطمئن الداعية أن الكيان الدعوي قد اختار الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن الدعوة قد وظفت الأصلح لهذه المهمة لاعتبارات كفاءته وخبرته. فإذا وثق الداعية في إخلاص القيادة، فإنه يطمئن أن القيادة لاتحابي في اختيار المسؤولين وإنما تضع نصب عينيها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " ما من عبد يسترعيه الله رعية ، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته ، إلا حرم الله عليه الجنة" [مسلم]

أردوغان رجل فى زمن عزا فية الرجال


أردوغان...كفى...إرحمنا أرجوك!؟

ذات مساء طيب، في تسعينيات القرن العشرين؛ أثناء عملي في المملكة العربية السعودية، أذن علينا المغرب في طريقنا في رحلة العمرة من المدينة إلى مكة؛ فأنزوينا إلى أحد المساجد؛ لنصلي المغرب!.
ودخلت إلى الصف؛ وهالني الصوت الرائع الملائكي للإمام؛ وهو يقرأ سورة الضحى، حتى انهمرت دموعي من سحر التلاوة!؟.
وبعد أن انتهى الإمام من الصلاة، التفتت إليه؛ فألجمتني المفاجأة؛ فخرجت لأقابل زوجتي؛ والتي صلت في الصفوف الخلفية، وبادرتني بمفاجأة أخرى وهي تسأل متعجبة ومتأثرة: من هذا الإمام المؤثر؟!.
فهتفت بها: إنه رجب الطيب أردوغان، وسأذهب إليه وأحييه وجميع مرافقيه في الحافلة التي تقف وراءك، ولكي أبلغه سلامنا جميعاً إلى أستاذه رئيس وزراء تركيا نجم الدين أربكان، ولنعلن إعجابنا وسرورنا بتجربتهم الرائدة في قيادة تركيا، وفي انتخابات حرة هزت العالم!؟.
وكانت المفاجأة الثالثة؛ أنني وجدته لا يتحدث العربية أو الإنجليزية؛ بل التركية فقط، وكان المترجم وسيطاً ينقل إلي كلينا جوانب هذا الحوار واللقاء الطيب الدافيء!؟.
ثم توالت المفاجآت؛ عندما سألني عن مصر، وأحوالها، وأخبار أهلها؛ وكأنه يتابع كل دقائقها، وكأنه ينظر إلى ثقلها ويحترم قوتها ومكانتها ومكانة أهلها وريادتها وريادتهم!؟.
وودعته ورفاقه، واستشعرت خيراً؛ بأن هذا اللقاء الطيب الدافيء الأخوي من علامات قبول هذه العمرة المباركة!؟.
وقلت في نفسي أيها الرجل أنت ومن معكم من تلاميذ أربكان، لقد أتعبتمونا بريادتكم للنهوض الحضاري ببلدكم، وفي نفس الوقت تحافظون وتوازنون مسيرتكم؛ بهذا الجانب الطيب في سلوكياتكم تمنيت وحلمت حلماً مسكيناً؛ وهو أن أرى مسئولاً في بلدنا ذات الريادة الإسلامية وهو يؤم الناس، أو على الأقل تكون سيرته حسنة ولو يترفع عن التعدي على أراضي مصرنا المسكينة، أو يبتعد عن عيوننا؛ فلا يظهر على شاشتنا الفضية وهو يتحدث عن الشفافية، وعن عصر الشفافية، وعن ...!!!؟؟؟.
بلدنا بتتحطم بينا!؟:
ثم شغلتني أيامها قضية أخرى؛ وهي التي أظهرت نبوغه القيادي المبكر؛ وهي تلك النقلة الحضارية التي أنتقلت بها مدينته (استانبول) أو (القسطنطينية)؛ عندما كان يرأس مجلسها المحلي؛ لتفوز بجائزة أفضل وأجمل وأنظف مدينة عالمية!؟.
وهو السبب الآخر الذي أتعبنا وأشعرنا بمدى الصغار؛ فنحن لم نزل نتعثر في البحث عن حل لإشكالية حضارية ومشروع قومي خطير وحديث كل منتدى ألا وهو مشروع التخلص من القمامة!؟.
أقول هذا وأنا أتعثر بين أكوام القمامة؛ التي تنبعث من كل ركن في مدننا الحضارية المسكينة!؟.
ونقترح أن يتغير الشعار الآن من (مصر بتتقدم بينا) إلى (مصر بتتقذر بينا)!!!؟.
من المراهقة ... إلى الرشد!؟:
ثم كانت الحركة التصحيحية الحزبية التي قام بها ورفاقه النشطاء، على نهج أستاذه أربكان؛ لتبلغ بهم مسيرة الحركة الإسلامية في تركيا درجة عظيمة من النضج ليذهلونا ـ كمعجبين في كل العالم بتوجهاتهم الواعية ـ بأنهم قد استعلوا على أخطر معوقات الطريق؛ ليحققوا الحلول الحضارية لعدة إشكاليات مزمنة ومستعصية؛ وأخطرها كما أراها من إطلاعي المتواضع على الأحداث:
1-إشكالية العلاقة بين الثابت والمتغير في الحركة، وذلك في ديناميكية رائعة تستعلي على المعوقات!.
2-إشكالية عض الإصابع بين طرفي مقص القوى التركية؛ فتجاوزوا مرحلة الصراع الدامي بين توجهات حزبهم الراديكالية، والمؤسسة العسكرية الأتاتوركية المهيمنة!.
3-حققوا بتوازنهم البراجماتي، وسيرهم الواعي على صراط الميزان الاجتماعي والدولي، وبتجربة عملية الحل الحضاري لإشكالية طالما صدعوا رؤوسنا بها وهي إشكالية العلاقة بين الدعوي والسياسي!؟.
4-ولم يلعبوا على منهجية خطيرة في مسيرة الحركات والأحزاب؛ وهي العقلية التبريرية.
فلم تعجزهم المعوقات، ولم يستكبروا على الأخطاء؛ فاعترفوا بها وصححوها في مهدها، ولم يداهنوا معارضيهم ، ولم يخدعوا مناصريهم، ولم يخجلوا من قواعدهم الواعدة!؟.
فأشعرونا أكثر بمدى ما وصلت إليه مسيرتهم الرائدة؛ والتي انتقلوا بها من مرحلة المراهقة إلى مرحلة الرشد والنضج!؟.
رجولة ... وخنوع!؟:
ثم جاءت محنة غزة!؟.
ورأينا كلنا موقفه الثابت الشامخ الواضح من المعتدي؛ بينما نحن نعاونه ونبارك غزوة على إخواننا!؟.
ثم رأينا موقفه الرجولي الشامخ؛ وهو يوقف ـ ولأول مرة في حياة جيلنا الحالم المسكين ـ هذا المتغطرس القبيح شيمون بيريز في منتدى دافوس؛ بينما رجالنا يصمتون ولا يتحدثون ولا يخجلون، وينسون أن التاريخ قاسي في تعامله مع الأحداث وصانعيها؛ فإما يسطرهم في صفحاته الناصعات، وإما يضعهم في مزبلته!؟.
لقد أتعبونا هؤلاء القوم وأشعرونا؛ أنهم الشموخ في زمن الانكسار، وأن الرجولة لا يقابلها إلا الخنوع!؟.
أخلاقيات قيادية ... نفتقدها!؟:
ومنذ شهور قليلة سررت جداً عندما رأيت مجموعة من الصور له ولزوجته في مناسبة اجتماعية موحية؛ وهي حفل عرس ابنه رفيق دربه الرئيس عبد الله جول!؟.
لقد فوجئت أنهن محجبات محترمات ملتزمات، في بلد الصراعات وفي زمن التناقضات وفي زمن الفتن الهائجات المائجات!؟.
وقد تأثرت بسلوك العروس الملتزمة، وهي تقبل يدي والدها الفاضل على الملأ!؟.
فأي بشر هؤلاء وأي اعتزاز بالأصول والأخلاقيات؛ لقد أتعبوني كحالم مسكين، وهو يرى قادته، ومسؤولي بلده المسكين، وهم يتسابقون إلى محو هويتهم وهوية وطنهم، وأدعو الله ألا يريك أو يسمعك أخبار حفلات أعراسهم وما يصنع فيها أبناء زمن الحنطرة والتحنطر و(إييييييه) الشعبانية!؟.
يا إلهي؛ أي انحطاط يحاصرنا ويهدد أخلاقياتنا ويدمر هويتنا، وصرخت: (يا رب؛ أشمعنى إحنا)!؟.
انتماء ... واغتراب:
ومنذ أيام قلائل وصلني على زاويتي في (الفيس بوك) مقطعاً لفيلم فيديو يظهر هذا الرجل المتعب؛ في لقطة معبرة ومؤثرة؛ وهو يسير مع زملائه من الرؤساء الأوربيين ليأخذوا صورة تذكارية على سلالم المؤتمر، وأثناء صعوده وجدناه ينحني على الأرض ليلتقط علماً صغيراً لتركيا من بين أعلام الدول المشاركة والتي سقطت أثناء مراسم الاحتفال، ثم وضعها في جيبه؛ حتى لا يدوسها أحداً بقدمه!؟.
فتأثرت جداً وأرسلت هذا المقطع المؤثر لأصدقائي؛ لأتعبهم واختبرهم كما تعبت وسألتهم سؤال الحالم المسكين المتألم لضياع الانتماء والمستشعر بمدى الاغتراب الذي يحاصره: ترى لو وجدت علم بلدك على الأرض؛ فماذا أنت صانع به؟!.
وجائتني التعليقات الدامية التي يجمعها حالة اغتراب وصفها شاعر الملاحم الإسلامية كامل أمين:
اجتاز في وطني وفي أهلي عمراً ... من الحزن طالت فيه أسفاري
مهاجرٌ وبلادي تحت راحلتــي ... ولاجئ رغم أني صاحب الدار
فمنك لله يا أردوغان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أجندته ...وهموم الفقراء:
ومنذ أسابيع قليلة مجلة (المجتمع الكويتية) العدد (1869) بتاريخ (18/9/2009) وفي الصفحة (11)؛ أن هذا الرجل في أحد أيام رمضان قد فاجأ الجدة الفقيرة المسنة (عائشة أولجون) وزوجها المشلول القعيد القاطنين في إحدى عشوائيات العاصمة أنقرة، وتناول معهم الإفطار، ثم زار عدداً من الأسر الفقيرة فاطمأن عليهم، واستمع لشكواهم في مظاهرة حب دافئة!؟.
فاستنكرت في نفسي تصرفاته المستفزة لنا، وقلت في نفسي؛ ألم يجد هذا الرجل أمكنة وبشر أنظف من هؤلاء ليزورهم أمام العدسات؟!.
ألا يوجد عندهم (كارفور) ليزوره؟!.
ألم يجد قعدة على ترعة تزدحم بضفادع بشرية أمنية، في خص يبنيه رجال أمنه، وفي ضيافة ممثل قدير من أمنه، وعلى شاي صنعه رجال أمنه؟!.
حتى أنت ... يا أحمد يا منصور!؟:
لم أكد أنتهي من هذا الهم، وأشعر بشيء من التنفيس عن هموم الحالم المسكين؛ حتى هوى على رأسي المسكين هذه الكلمات:
(صناعة التاريخ حرفة لا يجيدها إلا الرجال)!؟. (نحن استمعنا إلى صوت شعبنا)!!؟.
(وأنه لن يملأ الفراغ الذي ستتركه أمريكا في المنطقة عاجلاً أم آجلاً إلا صناع التاريخ، إلا دول قوية وحكومات تسمع لصوت شعبها، أما الأقزام الذين مشوا ويمشون في ركاب أمريكا وإسرائيل؛ فإن مصيرهم سيكون لا شك مصيرها، وسوف ينالون؛ دون شك مكانتهم المرموقة في مزبلة التاريخ!؟).
وقد اقتطفتها دون تعليق من مقال رائع لا يجب أن يفوت أحد؛ وعنوانه (الأتراك يعيدون صناعة التاريخ) للصديق الحبيب والإعلامي الرائع (أحمد منصور) في عدد الأربعاء الأسبوعي لجريدة الدستور (21 أكتوبر 2009م)!؟.
فأحببت أن أختم بهذين العتابين الحزينين:
الأول: (كفانا هموماً ومقارنة بين مواقف الرجولة، ومواقف الخزي التي تحاصرنا وتقتلنا يوماً بعد يوم؛ خاصة ما أصابني بعد قراءة هذه الإنجازات العبقرية المذهلة التي صنعها هذا الرجل الشامخ؛ والتي وردت في مقال الدستور، ولا أجد عتاباً أبلغ من عتاب قيصر لبروتوس: حتى أنت يا أحمد يا منصور)!؟.
الثاني: (أيها الرجل؛ من سلطك علينا؛ كفانا هموماً؛ نستشعرها ونحن نتابع إنجازاتك ومواقفك يوماً بعد يوم، لأنني كحالم مسكين؛ في حالة من التناقض الداخلي والتشرذم النفسي؛ لوقوعي بين شعورين قاتلين يتجاذباني؛ لأنني أزداد فخراً بك، وفي نفس الوقت استشعر مدى الصغار الذي يحاصر أحلامي المسكينة في التغيير مثلكم!؟.
فالأفضل أن تبتعد عنا؛ فأنت في كوكب غير كوكبنا؛ وإن صممت على هذه المواقف، ولم ترعوى عن مسيرة الصعود؛ فستشعرنا بمدى هبوطنا، وستكشف سوآتنا، وتفضح كوكبنا؛
أرجوك أرحمنا، ودعنا في حالنا)!؟.

قزم الوطنى احمد عز يهاجم الاخوان

احمد عز امين التنظيم




شن أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى خلال عرض تقرير أمانته فى اليوم الثاني للمؤتمر الذي عقد أمس الجمعة على هجوماً حاداً على الجميع :
الإخوان المسلمين والمرشد العام محمد مهدى عاكف وأحزاب المعارضة، والصحافة والإعلام المصرى .
وتحدث عن إنجازات وهمية للحزب الوطني الذي حاز على 32% فى الإنتخابات البرلمانية الماضية ، وسقط عدد كبير من أعضائه فى جرائم أخلاقية ، وماسه بالشرف مؤخراً .
وتساءل محتكر الحديد خلال كلمته بأسلوب كاريكاتوري: إن المعارضة تحشد الآن جهودها استعدادا للانتخابات المقبلة "ماذا نحن فاعلون؟" فرد عليه أحد الحضور "قول يا رب".
وخصص معجزة الوطني أكثر من 45 دقيقة للهجوم الصريح على جماعه الإخوان المسلمين واصفا إياها بأنها لا توصف بالأغلبية ، بل توصف بالأوتوماتيكية، مضيفا خلال كلمته أن أمناء المحافظات مستاؤون من الهجوم الذى يتعرض له الحزب على يد المعارضين وما تقوم به الصحافة من عرض هذا الهجوم قائلا "عندما تتفتت المعارضة تقوم الصحافة بدورها أمام الحزب الوطنى، ونحن لا ننتظر من الصحافة تقديرا، ونحن نتوقع العام القادم هجوما أكثر حدة"
وأكد عز أنه أصبح من المخجل أن تعرض الصحافة والبرامج الحوارية إنجازات الحزب الوطنى قائلا "
إن ذكر محاسن الوطن ليس مبعثا للخجل".
واحتلت جماعة الإخوان المسلمين الحيز الأكبر من تقرير أمين التنظيم حيث أكد أنها جماعة لا تمارس السياسة بل تسمح برفع الحذاء تحت قبة البرلمان؛ وانتقد عز مرشد الجماعة مهدى عاكف قائلا "ليته ما فعل وأمر أعضاء جماعته برفع الحذاء على النواب".
أضاف أن الإخوان المسلمين جماعة تهتم فقط بتكوين الميليشيات العسكرية بالجامعات المصرية ولا تعرف سوى الانسحاب من تحت قبة البرلمان.
وأوضح أن من يعتقد أن جماعة الإخوان تيار متسامح ومعتدل فهو مخطئ قائلا "يخطئ من يعتقد أن الديمقراطية قادمة على أكتاف هؤلاء وبيد المرشد؛ لأن ديمقراطيتهم تعنى صوتا واحدا لشخص واحد ثم يختفى صوتك أنت للأبد".
وقال أمين التنظيم إن الإخوان المسلمين لن يتقدموا بمصر أو الاقتصاد المصرى، بل ستفرض زيا موحدا للرجال والنساء، ودينا واحدا للقيادات؛ ومن يخالفها سيصبح معارضا للدين لمن يحكم بأمر الله، قاصدا (المرشد) .
وأكد عز ضرورة أن يكون نواب الوطنى خط الدفاع الأول الذى يتعامل بالعقل دون ارتفاع الصوت، وانتقد نواب الإخوان المسلمين قائلا "هؤلاء يتحدثون لغة واحدة فى كل الأوقات ويتعاملون مع تيارات مختلفة، يجلسون معها فى الغرف المغلقة ويوافقون على مشروعات القوانين ثم يخرجون أمام عدسات الإعلام ويبدون اعتراضهم".
وحول الدورة البرلمانية المقبلة توقع عز ألايوافق جميع نواب الإخوان على أى من مشرعات القوانين قائلاً "هؤلاء يجب أن يوصفوا بالأوتوماتيكية وليس الأغلبية"؛ فرد عليه أحد الأعضاء "إيه الحلاوة دى.. إحنا معاك للصبح".
ورصد عز عددا من الإنجازات الوهمية لحزبه :
"متوسط الفرد زاد، ومرتبات الموظفين زادت بنسبة 100%، ومليون مصرى اشتروا سيارات جديدة، و250 ألف مصرى اشتروا سيارات جديدة فى عام 2008 و250 ألف أسرة اشترت وحدات اقتصادية ومعدلات الالتحاق بالجامعات المصرية زادت، ووفرنا 3 ملايين فرصة عمل.. كل ده وبيقولوا الناس مش حاسة بالنمو".
وأضاف عز فى نهاية كلمته أن التنظيم ارتكب عددا من الأخطاء خلال انتخابات عام 2005 وتعلم منها وقادر على تجاوزها خلال الانتخابات المقبلة قائلا "أقول للنواب اقتربوا من التنظيم الحزبى؛ لأننا تعلمنا أن من يفتت الأصوات يخسر المقاعد، ونحن لن نضع المقاعد على طبق من فضة للمعارضة .
ولم ينس عز مغازلة جمال مبارك أمين السياسات بالحزب؛ حيث وصفه بأنه "مفجر ثورة التحديث داخل الحزب".
وكانت لجنة السياسات التي تضم مجموعة من الأغنياء الذين تزيد ثرواتهم على المليار فما فوق قد اختارت عبارة "من أجلك إنت " وهو مالا قى السخرية من القراء والمراقبين على السواء .
وتاريخ الحزب الوطني لا يعدو كونه مجموعة من المآسي التاريخية التي رسخت فى ذهن الشعب المصري مثل حادثة العبارة ، وحوادث القطارات ، وحالات الفساد والنهب والإختلاسات والجرائم الإخلاقية ، كما لايحظى جمال الإبن بأي شعبية ، فقد حصل على أقل من 9% فى إستطلاعات رأي أجراها الحزب مؤخراً ، قبل أن يتم إيقافها

مصر ترفض استقبال ممثلي "حماس" قبل التوقيع على ورقة المصالحة

عمر سليمان وخالد مشعل



وصل التوتر بين حركة "حماس" والقاهرة في الآونة الأخيرة إلى مستوى غير مسبوق، وذلك بعد أن رفضت مصر استقبال أي مسؤول في "حماس" إلا إذا أراد توقيع ورقة المصالحة التي أعدتها القاهرة ووقعتها حركة "فتح" يوم الخميس الماضي.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لـصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية ان مصر ترفض استقبال أي وفد يمثل حركة "حماس" إذا كان الهدف من الزيارة غير التوقيع على ورقة المصالحة التي أعدتها القاهرة ووقعت عليها حركة "فتح". وأشار المصدر إلى أن قيادات في "حماس" توجهت بالفعل إلى المصريين مطالبة بتحديد موعد للقاء الوزير عمر سليمان وزير الاستخبارات المصرية للنقاش حول تحفظات الحركة بشأن الورقة المصرية، فجاء الرد المصري حازما وقاطعا بأنه يتوجب على "حماس" التوقيع على الورقة المصرية، وبعد ذلك يتم التباحث في ملاحظاتها عليها. وأشار المصدر إلى أنه يتبين من خلال الرد المصري أن التوتر بين الحركة والقاهرة وصل إلى مستوى كبير.
وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور موسى أبو مرزوق قد صرح لقناة "الأقصى" الفضائية التابعة لـ "حماس" الليلة قبل الماضية أن حركته تنتظر الدعوة المصرية للتوجه إلى القاهرة. من ناحية ثانية طالبت لجنة الوفاق والمصالحة الوطنية الفصائل الفلسطينية بالتوقيع "الفوري على ورقة المصالحة كقاعدة في إطار استمرار بذل الجهود لإنهاء الملفات العالقة". وقالت اللجنة في بيان تلقت "الشرق الأوسط " نسخة منه أمس: "ان أي تأجيل في عملية التوقيع مهما كانت مبرراتها لن تكون مفيدة لشعبنا الذي هو بحاجة إلى وحدة فورية". وشدد البيان على أن "خيار الوحدة الوطنية يستند أساسا لمصالح شعبنا وبرنامجه السياسي على قاعدة وثيقة الاتفاق الوطني والمنسجم مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي وليس لأي اشتراطات خارجية من أجل إعادة بناء نسيجه الاجتماعي وتعزيز مقومات صموده"، محذرة في الوقت ذاته من التدخل الأميركي في الشؤون الفلسطينية.
وأضاف البيان: "لا بد من ضمان سير الانتخابات بصورة جيدة ونزيهة وشفافية عبر آليات من الرقابة المدعومة عربيا ودوليا واحترام نتائجها، تعبيرا عن إرادة الناخب الحرة وتعزيزا لمبدأ التداول السلمي للسلطة". وطالبت اللجنة قيادات الفصائل الفلسطينية بوضع "الهدف الوطني الفلسطيني أولوية قبل أي هدف آخر، وأن تكون وحدة الشعب الفلسطيني على أرضه وفي سلطته ومنظمته هي الهدف الأسمى ليسير على درب الكفاح من أجل تحقيق حريته واستقلاله".


وكان عباس في خطابه أمام المجلس الثوري مساء الأحد (17-10) كشف عن توافق مع القاهرة على أن يلبِّي أي اتفاق مصالحة"شروط "الرباعية الدولية" (أي الاعتراف بالكيان الصهيوني) وما سمَّاه "دستور منظمة التحرير"، وهو ما يعني -وفق مراقبين- تفريغًا لورقة المصالحة المصرية من مضمونها".

وقال عباس إنه أرسل جوابًا إلى القاهرة حول الورقة المصرية من ثلاث نقاط يتضمن موافقته على تأجيل الانتخابات "تنازلاً من أجل مصر" على حد تعبيره، فيما رفض "أي اتفاق يعيد علينا الحصار مرة أخرى".

وأوضح أن ذلك يعني أن "أي اتفاق يتناقض مع الشرعية الدولية ويؤدي بنا إلى ما أدى إليه "اتفاق مكة"، لن نقبل به".

وقال: "ليس لدينا استعداد لأن نوقع على اتفاق ونحاصَر في اليوم التالي كما حصل بنا قبل "مكة"، أو بعد (مكة)" مشيرًا إلى البند الثالث الذي أبلغه للقاهرة، وهو عدم القبول بـ"أي شيء يتناقض مع النظام الأساسي أو القانون الأساسي لـ(منظمة التحرير الفلسطينية)"، وهو ما يعني إلزام الفصائل ببرنامج "منظمة التحرير" الذي يعترف بالكيان الصهيوني، أي نسف أسس المصالحة من جذورها.

وفي إطار المواقف المجمعة على تسجيل ملاحظات على الورقة المصرية جاء إعلان أمين سر لجنة المتابعة العليا للمؤتمر الفلسطيني خالد عبد المجيد عقب اجتماع لفصائل دمشق في العاصمة السورية قبل عدة أيام أن "الفصائل الفلسطينية لن توقع على الورقة المصرية إلا إذا تضمنت الحقوق والثوابت الفلسطينية وضمان حق مقاومة الاحتلال الصهيوني، وأكد أن "الفصائل الفلسطينية طالبت القيادة المصرية بان تتضمَّن الرؤية المصرية الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية وحق مقاومة الاحتلال الصهيوني".

ويبقى السؤال الأهم على لسان المواطنين والمراقبين الفلسطينيين: إذا كانت كل الفصائل الفلسطينية لديها ملاحظاتها على الورقة المصرية التي جرى تعديلها لتلبيَ مطالب حركة "فتح" التي هي بالأساس مطالب خارجية لو استجابت لها "حماس" لما واجهت الحصار من الأصل.. فكيف يمكن أن تسمح القاهرة لمجموعة منعزلة في رام الله بتعطيل جهدها والتلاعب بهذه الجهود لتحقيق المصالحة بعد أن أوشكت تؤتي ثمارها؟!.

انتصروا لشهداء غزة

شهداء غزة من الاطفال



تبني مجلس حقوق الانسان الدولي لتقرير غولدستون يوم الجمعة، 16/10/2009 والمصادقة على جميع توصياته دون
هما انتصار كبير للرأي العام العربي، والفلسطيني منه على وجه الخصوص، وهزيمة مذلة لثقافة احتقار الارادة الشعبية، والقفز فوقها، والتفرد بالقرارات المصيرية دون الرجوع الى المؤسسات وصنّاع الرأي.
الفضل كل الفضل في هذا الانجاز غير المسبوق يعود الى بركان الغضب الشعبي الذي انفجر داخل الاراضي الفلسطينية
وخارجها، احتجاجا على تفرد مجموعة من اربعة اشخاص فقط في سلطة رام الله بالقرار، ودون اي تنسيق او تشاور
مع اللجنتين المركزية لحركة 'فتح'، والتنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مصدر الشرعية والتأييد لهذه السلطة ورئيسها.
خريطة التصويت على التصديق في مجلس حقوق الانسان جاءت حافلة بالمفاجآت، وشكلت تبلور مرحلة جديدة في العمل
السياسي والدبلوماسي على الساحة الدولية، تذكرنا بالايام الذهبية للامم المتحدة، وتعاظم نفوذ دول العالم الثالث، وهي
المرحلة التي افرزت اكثر من ستين قرارا بنصرة الحق العربي، ابرزها وصم الحركة الصهيونية ودولتها اسرائيل بالعنصرية.
' ' '

قراءة سريعة لمعركة التصويت هذه، والكلمات التي القاها المندوبون اثناءها او تمهيدا لها، يمكن من خلالها استخلاص النقاط والعبر التالية:

اولا: اثبتت عملية التصويت، وإقرار تقرير غولدستون ان كل ما قاله المتحدثون باسم السلطة، تبريرا لكارثة سحب
التصويت، بان لا علاقة لهم بها، لان السلطة ليست عضوا كامل العضوية، يمكن ان تتقدم او تسحب التقارير. ان هؤلاء
المتحدثين مارسوا كل انواع الكذب والتضليل، بدليل ان السلطة هي التي اعادت تقديمه الى المجلس، وهي التي لعبت الدور الاكبر في اعتماده.

ثانيا: قال هؤلاء المتحدثون ان دولا كبرى مثل الصين وروسيا لم تكن مؤيدة للتقرير، ولذلك تقرر سحبه، لنكتشف انهما كانتا الاكثر حماسا وسعيا لإقراره، ولم يتردد مندوباهما مطلقا في التصويت لصالحه.
ثالثا: اثبتت الكتلة العربية الاسلامية المدعومة من دول العالم الثالث انها تستطيع، لو ارادت، نصرة قضاياها في المحافل الدولية، لما لها من ثقل اقتصادي وسياسي في زمن انهيار العولمة، وبروز قوى عظمى جديدة.

رابعا: ما زالت قضية فلسطين عامل توحيد اساسياً للعالمين العربي والاسلامي، وتعبئة للرأي العام الدولي ومنظمات حقوق الانسان، وهذا عنصر مهم نسيه العرب، وبعض الفلسطينيين في غمرة اللهاث خلف التطبيع مع اسرائيل، والرضوخ للاملاءات الامريكية.

خامسا: بروز قوى اسلامية اقليمية عظمى، مثل تركيا وايران، وتحديهما لاسرائيل وجرائمها، بدأ يعطي ثماره بشكل ايجابي على الساحة الدولية، من حيث زيادة عزلة اسرائيل وحشد الدول الصديقة ضدها.
سادسا: تراجع نفوذ الولايات المتحدة الامريكية وانحسار هيمنتها على المنظمات الدولية، ولو بشكل اولي، فالولايات
المتحدة الامريكية كانت وحيدة تقريبا في معارضتها للتقرير، بينما امتنع اقرب حلفائها مثل بريطانيا وفرنسا عن التصويت، وهذا مؤشر مهم يجب أخذه بعين الاعتبار.

سابعا: نتائج التصويت تعكس مدى انفضاض العالم في معظمه من حول اسرائيل، وشعوره بالقرف من سياساتها،
واعتراض القوى الكبرى على مجازرها ضد الابرياء من ضحاياها في الارض المحتلة. فالابتزاز الاسرائيلي المدعوم
امريكيا لم يعد يعطي ثماره، والتهديدات الاسرائيلية المستندة الى قوة اللوبي اليهودي، والعصا الامريكية باتت تفقد
مفعولها تدريجيا، وهذا تطور يؤكد ان العالم بات يضيق ذرعا بالتدليل الامريكي لاسرائيل، ووضعها فوق الشرعية الدولية ومؤسساتها، وحمايتها ومجرمي حربها من اي عقوبات.

' ' '

انها 'لعنة غزة' التي تطارد الاسرائيليين، انها دماء الشهداء الاطفال الذين احرقت اجسادهم الطاهرة قنابل الفوسفور،
وصواريخ الدبابات والطائرات. هذه اللعنة ستظل تلاحق كل مجرمي الحرب الاسرائيليين اينما كانوا، واينما حلوا، مثلما
طاردت رجالات السلطة الذين حاولوا بيعها مقابل استئناف جولات المفاوضات العقيمة، في ظل استهتار اسرائيلي بكل
مفردات عملية السلام، والاستجداءات العربية والامريكية لتجميد الاستيطان.

اسرائيل تواجه اكبر مأزق في تاريخها، فقد رفعت عنها الحصانة الدولية للمرة الأولى، وباتت جرائمها عارية بكل
تفاصيلها الدقيقة امام العالم بأسره، ولذلك علينا ان نكون حذرين ونتوقع منها مغامرة مجنونة في محاولة للخروج من هذا المأزق.
فعندما يقول ايلي بيشاي نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي إن اسرائيل تعاملت بقفازات من حرير مع المدنيين
الفلسطينيين اثناء هجومها على قطاع غزة، فإن علينا ان نتوقع من هذه الحكومة المتطرفة والشعب الذي اوصلها الى
الحكم مجازر حرب اكبر، وضحايا اكبر. فإذا كانت هذه القفازات الحريرية قتلت 1400 انسان بريء نصفهم من الاطفال، فكيف سيكون الحال لو لم تكن غير حريرية؟
حكومة نتنياهو التي قالت ان التصويت على تقرير غولدستون بالايجاب سيؤدي الى قتل العملية السلمية (متى كانت
حية؟) لن تتورع عن الاقدام على خطوات انتقامية، ثأراً لهزيمتها هذه، سواء بتشديد الحصار على الشعب الفلسطيني،
او حتى على السلطة ورئيسها الذي خرج من دائرة الخوف، وقرر النزول الى حلبة التحدي، منتصراً لمطالب الشعب الفلسطيني.
يجب اتخاذ كل الاحتياطات الضرورية، مع التحرك بسرعة لابقاء هذا الزخم العالمي المعارض لاسرائيل والمنتصر لدماء
الشهداء مستمراً، من خلال خطوات عملية، علمية، مدروسة. فالمعركة في بدايتها وهناك جولات قادمة اكثر شراسة في الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي.
الكتلة العربية الاسلامية هي قوة الدفع الحقيقية لتحقيق هذا الانجاز، جنباً الى جنب مع مؤسسات المجتمع الدولي
ومنظمات حقوق الانسان، ولذلك من الحكمة تأجيل الاحتفالات، وتشكيل هيئة عالمية من كبار المحامين الدوليين، والشخصيات البارزة في منظمات حقوق الانسان لقيادة المواجهات في الجولات المقبلة.
شهداء غزة الذين حققوا هذا الانجاز الكبير الذي لم تحققه الجيوش العربية الجرّارة، يستحقون ان يهنأوا في مثواهم
الاخير في جنة الخلد، فتضحياتهم واشقائهم لم تذهب سدى، فقد غيروا معادلات لم نكن نحلم مطلقاً بتغييرها، واثبتوا ان المفاوضات والارتماء عند اقدام العدو لا تحقق غير الهوان والمزيد منه.
اسرائيل باتت مكروهة، منبوذة، محتقرة، بسبب غرورها وغطرستها، واستئسادها على الضعفاء العزل بطرق وحشية غير مسبوقة، ولذلك بدأ العد التنازلي لانهيارها.

فى ديارنا يا شيخ الازهر




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلقد تداولت وسائل الإعلام المقروءة والمرئية واقعة أمر "شيخ الأزهر" لـ"طالبة أزهرية" في الصف الثاني الإعدادي، ونص الخبر كما جاء على موقع "إسلام أون لاين":
"مع افتتاح العام الدراسي الجديد، شهد أحد المعاهد الإعدادية الأزهرية بـ"القاهرة" نقاشًا ساخنـًا بين شيخ الأزهر "محمد سيد طنطاوي" وطالبة منتقبة وإحدى المدرسات حول شرعية وحكم النقاب، انتهى بإعلان "شيخ الأزهر" عزمه منع النقاب بالمعاهد الأزهرية.

وفيما يلي نص الحوار الذي دار بينهم، حسبما أوردته صحف مصرية الاثنين 5-10-2009:

شيخ الأزهر للطالبة المنتقبة: "النقاب مجرد عادة لا علاقة لها بالدين الإسلامي لا من قريب أو بعيد، وبعدين أنتِ قاعدة مع زميلاتك البنات فقط في الفصل لابسة النقاب ليه؟"!
الطالبة -بالصف الثاني الإعدادي- تمتثل لأمر شيخ الأزهر وتخلع النقاب.
شيخ الأزهر -81 عامًا-: "لما أنتِ كده أمال لو كنت جميلة شوية كنت عملتي إيه؟!"!
المدرسة: "الطالبة تقوم بخلع نقابها داخل المعهد؛ لأن كل المتواجدات فيه فتيات، ولم تقم بارتدائه إلا حينما وجدت فضيلتك والوفد المرافق تدخلون الفصل، وبعدين النقاب إن لم يكن فرضًا فإنه لا يؤذي أحدًا وهو على الأقل حرية شخصية".
شيخ الأزهر للمدرسة -منفعلاً-: "قلتُ إن النقاب لا علاقة له بالإسلام، وهو مجرد عادة، وأنا أفهم في الدين أكتر منك ومن اللي خلفوكي"!
شيخ الأزهر: "سأصدر قرارًا رسميًا بمنع ارتداء النقاب داخل المعاهد، ومنع دخول أي طالبة أو مدرسة المعهد مرتدية النقاب".
حدثت هذه الواقعة أثناء زيارة "شيخ الأزهر" السبت 4-10-2009 لمعهد فتيات "أحمد الليبي" بضاحية "مدينة نصر بالقاهرة"، خلال جولة تفقدية قام بها لمعاهد الأزهر؛ للوقوف على مدى استعدادها لمواجهة انتشار أنفلونزا الخنازير" انتهى الخبر.
وقد وجدتُ أن أفضل تعليق على تلك المناظرة غير العادلة هو أن أستعين بكتب شيخ أزهري يُدعى الدكتور "محمد سيد طنطاوي" كانت رسالة الدكتوراه الخاصة به عن اليهود، وله تفسير ميسر للقرآن، ولحسن الحظ أنه يدرَّس في المعاهد الأزهرية يسمى بـ"التفسير الوسيط"، ومما جاء فيه في تفسير قوله -تعالى-: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) (النور:31)، ما يلي:
"وقال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر، بحكم ضرورة حركة فيما لابد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك، (إِلا مَا ظَهَرَ) على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه.
قلت -أي القرطبي-: وهذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما، عادة وعبادة، صح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما.
يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة، أن أسماء بنت أبى بكر -رضي الله عنهم- دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: (يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا) وأشار إلى وجهه وكفيه. وقال بعض علمائنا: إن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك.
هذا، وفي هذه المسألة كلام كثير للعلماء فارجع إليه إن شئت"
انتهى كلام الدكتور طنطاوي.
وقال الدكتور طنطاوي في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) (الأحزاب:59):
"وقوله: (يُدْنِينَ) من الإِدناه بمعنى التقريب، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعَلَى. وهو جواب الأمر، كما في قوله -تعالى-: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) (إبراهيم:31)، والجلابيب: جلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن، تلبسه المرأة، فوق ثيابها.
والمعنى: يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك، وقل لبناتك اللائي هن من نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترًا تامًا، من رءوسهن إلى أقدامهن، زيادة في التستر والاحتشام، وبعدًا عن مكان التهمة والريبة" انتهى كلام الدكتور طنطاوي.
إن دكتور "محمد سيد طنطاوي" صاحب دراسة "بنو إسرائيل في القران الكريم" لا يمكن أن يكون هو الذي يستقبل الحاخامات ويصافح قتلة الأطفال.
ودكتور "محمد سيد طنطاوي" صاحب "التفسير الوسيط" الذي مال إلى قول من يقول بوجوب ستر وجه المرأة في موضع لا سيما إن كانت جميلة، وذكره قولاً واحدًا دون أن يشير إلى الخلاف في موطن آخر، ليس هو بالذي يناظر فتاة صغيرة مدعيًا أن "النقاب عادة لا علاقة لها بالدين".
إذن فلنفترض أنهما شخصان فـُقد أحدهما يوم تولى الأخر منصب الإفتاء، ومن بعده مشيخة الأزهر، ولكن الأول ممثل حقيقي للأزهر وللعلم والعلماء وغير خارق لإجماع الأمة ولا خارج من منهجها.
هذه إجابتنا نيابة عن الفتاة وعن مدرستها اللتين ربما منعهما الحياء أو غيره عن الرد على شيخ الأزهر؛ ليبينوا له أن القول بمشروعية النقاب هو قول كل العلماء الذين يفهمون في الدين وفوق هذا يخافون من رب العالمين، وأن الخلاف بينهم محصور في درجة مشروعيته: هل هي الاستحباب أم الوجوب؟
وأن القول بأن النقاب عادة دخيلة هو قول دخيل على الأمة وعلى فقهها، وشاهدْنا على ذلك تفسير الدكتور "محمد سيد طنطاوي" نفسه.
وأما سائر المناقشة فنعرض عن ذكرها اكتفاء بما أصاب الناس من وجوم من جرائها.
وبقيت كلمة أخيرة:
إذا كان فضيلته متعطشًا لمناظرة أو راغبًا في مجادلة ففي البلاد كثيرون يطلبون النزال وكثيرات يطلبن المناقشة.
- ففي ديارنا يا شيخ الأزهر: امرأة تسمى "نجلاء الإمام" قدمت مشروع قانون للأحوال الشخصية ولما قيل لها: "شيوخ الأزهر لا يوافقون عليه" قالت لهم: "الأزهر مفروض يقعد على جنب"، فلما وجدت أن الأزهر ومشيخته أصابهم صمت أصحاب القبور؛ تنصَّرت مدعية: أن أهم أسباب تنصرها تخريفات شيوخ الأزهر، وما زال الأزهر صامتـًا!
- في ديارنا يا شيخ الأزهر: امرأة وابنتها يتزعمن مجموعة من النسوة، ومن أشباه الرجال؛ يُردن إلغاء المادة الثانية من الدستور القائلة بـ"أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع"، ويطالبن بنسبة الأولاد إلى أمهاتهن لا آبائهن، ويسخرن من الأزهر، ومن قبله الأئمة الأربعة؛ فهل نطمع في أن تسمعهن إحدى شخطاتك كتلك التي نالت الطلبة المنتقبة وأستاذتها؟!
- في ديارنا يا شيخ الأزهر: امرأة تعمل مخرجة أفلام تركز في أفلامها على العري والفجور، استضافها مذيع ماجن يقدم برنامج مضمونه وعنوانه التجرؤ على الدين، وعلى ثوابت الأمة! وسألها بخبث متى ترتدين الحجاب؟! فرفعت يديها إلى السماء قائلة: "ربنا ما يكتبه عليّ"، وأطمئنك أن هذه المرأة وجواريها اللاتي يمثلن في أفلامها يحتجن إلى أن تأمرهن بالحجاب والنقاب، ولسن قليلات الحظ من الجمال كالبنت الصغيرة التي رأيت فضيلتك أنها ليست جميلة!
وإن كانت شهادتك قد تكون فيها نظر في هذا الباب إن كان علمك بالجمال من نفس جنس علمك بالدين الذي زعمت أنك تفهم فيه أكثر من "اللي خلفوها"، مع أنه من الوارد أن يكون أبويها قد أتيا بهذا العلم الذي تراه فاسدًا من كتاب "التفسير الوسيط" الذي يقرره الأزهر على طلابه، وهو للدكتور "محمد سيد طنطاوي" سالف الذكر!
- في ديارنا يا شيخ الأزهر: تمنح وزارة الثقافة جوائز الدولة التشجيعية لمن يقول: "إن الإسلام لم يكن إلا حركة سياسية وضعية"! وهو كلام ثار له كل أحد إلا مشيخة الأزهر!!
- في ديارنا يا شيخ الأزهر: مدرس يهتك عرض 18 تلميذة من تلميذاته في مثل عمر الفتاة التي واجهتها، ولا نظن أنهن يفقنها جمالاً، ولكنها النار إذا وضعت بجوار الهشيم، والذئب إذا استودعت عنده الغنم، والرائد إذا كذب أهله فأوردهم المهالك ولم ينصح لهم، وعلم المصلحة فلم يأمر بها، وعلم المفسدة فلم ينه عنها!
- في ديارنا يا شيخ الأزهر: أخطاء وأخطار تحتاج مثل هذه الوقفات الجريئة، والمناظرات التي تسكت الجاهلين وترد على المشغبين، وتنزع البرقع الذي يخفي وجوه الطاعنين في الدين عن الناظرين.
- في ديارنا يا شيخ الأزهر: عادات وعادات.. وبدع ومحدثات، ومعاصي ومنكرات تحتاج إلى تلك الوقفة الشجاعة!!
ونحن منتظرون !!!
وأما الفتاة الصغيرة
فعذرًا إذا ما دفعنا إليها كتاب "التفسير الوسيط"؛ لكي تعلم أن النقاب ليس عادة إسلامية دخيلة، ولتستر وجهها عن أعين الناظرين، ولتحافظ على حيائها في أعلى ما يكون.
فيا ابنتنا العزيزة
التي لا أعرف اسمها ولا اسم والديها -ولكن الله يعرفهم-: لا أملك إلا أن أدعو الله لكِ أن يجعلك الله قرة عين لهما في الدنيا والآخرة، وأن يزينك بزينة الإيمان.
ابنتنا العزيزة:
"لقد اختارك الله لتقولي كلمة الحق فقلتيها، وساعدتك معلمتك أنعم بها من معلمة".
ابنتنا العزيزة:
"لا يصدنك عن نقابك أن قالوا "عادة" بعد إذ علمت أنه في كتاب الله."
ابنتنا العزيزة:
"لا يجرحنك أن قيل لكِ: "اللي خلفوك"؛ لأنهم إن خلفوا فقد خلفوا فتاة مسلمة مقتدية بأمهات المؤمنين في زيها، نسأل الله أن تكوني مقتدية بهم في كل شئونك".
ابنتنا العزيزة:
"لا يغضبنك أن قالوا: "ليست بجميلة"؛ فالغواني هم الذين يعجبهن الثناء، فمن ثمَّ يُزدن في زينتهن أشكالاً وألوانـًا، وأما الفتيات المسلمات فهن يسترن زينتهن".
ابنتنا العزيزة:
"في زماننا كثر التزييف في كل المجالات حتى العلم الشرعي نفسه طاله التزييف، وأما الجمال فقد طغى التزييف فيه حتى صار كأنه هو الأصل، فمن فرط طغيانه نسي البعض الجمال الحقيقي، وأما المصطنع فقلَّ فتاة أرادته إلا وحصلت منه على ما تريد، ومع ذلك فقد أباح الله منه ما أباح للمرأة في بيت زوجها".
ابنتنا العزيزة:
"اعتبري الأمر برمته كأن لم يكن، وتوكلي على الله، وبإذن نراك قريبًَا أمًا لفتيات منقبات ملتزمات بشرع الله".
فاللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
اللهم يا مصرف الأبصار صرف قلبي إلى طاعتك.

عدد الزوار