لبيك يا أقصى



لبيك يا أقصى ، يا مسرى رسول الله صلى الله علية وسلم .



لبيك يا أقصى ، يا أولى القبلتين وثالث الحرمين .



لبيك يا أقصى ، سمعت أناتك وآهاتك وسمعت نحيبك . رايتك تنزف دماً على فقد حبيبك ؛ الفاروق



ــ عمر ــ الذي لو كان بين ظهرانينا ؛ لغير وجه الأرض وملأها عدلا وقسطاً وبراً .



نعم يا أقصى ، أبكى بكائك وأنتحب لحالك ، ويقشعر بدني لما نزل بأحبابك .



سالت دماؤهم ، وهانت أعراضهم ، وانتهكت حرماتهم ، وضاعت هيبتهم ، وفقدوا عزتهم ،



وسلبت حريتهم ، ونهشت كرامتهم ، واغتصبت دولتهم ، و أضحوا فريسة سائغة لأبناء


القردة و



والخنازير ، بينما حكام المسلمين وسلاطينهم يغطون في ثبات عميق ، ونوم سحيق ، شهيقهم ترف



بلا حدود ، وزفيرهم شجب ووعود ، أجساد هاوية , وعقول خاوية ، وعزائم بالية ، ونفوس



بالذل راضية ,



يا صلاح الدين، قم وأسرع الخطى إلى مسرى رسول الله صلى الله علية وسلم ، إلى القدس ، إلى




فلسطين ، شد أزر المجاهدين ، وأشدد على يد أهل فلسطين ، ألم تسمع للأقصى أنين ؟! قم وانفض




عنك غبار السنين . دع قبرك لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو. يخلدون فيه للراحة , فهو لهم جنة





وراحة . فأنت الزعيم , وأنت الأمين , وأنت القائد الشاهد , وأنت التقى , وأنت العابد.




أمة صارت بلا حاكم , يزود عن حياضها ويردع كل ظالم .





قم يا صلاح الدين ، هانت الأمة وزادت الغمة . ولم تنقشع الظلمة . فالكرب زاد . والهم





عاد . والغم ساد . وأصحاب العروش وإن صدقت قل : " أصحاب الكروش غدوا للحق والعدل نعوش





وغدت الرعونة واضحة جلية بلا رتوش "




مؤتمر يتلو مؤتمر , والجبن منهم انهمر . والذل فاض وغمر . والشجب كسيل المطر .




قم يا صلاح الدين , قم فالأقصى أسير , والآمر خطير , والشجب كثير , والفعل حقير .




سالت الدماء الذكية , وهوت أبدان تقية , وغابت ضمائر نقية , واستشهدت أنفس أبية .



ليتك كنت نائما يا صلاح الدين , فيوقظك صراخ الثكلى ونحيب اليتامى ويفزعك عويل الأرامل .



قم يا صلاح الدين ، قم وانظر ما حل بنا ؛ أمة ضاعت ، وعروش باعت ، وفضائح ذاعت ،




وأسرار شاعت ، وبطون جاعت ، وقلوب راعت .




قم يا صلاح الدين , قم كل عام يوقظونك . أيطلب الأحياء من الأموات معونة ؟!



هل ذلت الأسد فينا وأسلمتنا عداها



سلام عليك يا صلاح الدين . سلام عليك يا سليل المجاهدين . سلام عليك حتى نلقى رسولنا محمد رسول



الله رب العالمين إمام



المجاهدين , وقائد الغر المحجلين . نلقاه غير مبدلين . ولا مغيرين, ولا مفرطين , وعلى هدية



سائرين , اللهم آمين .


أوبا ما و جائزة الندامة

عندما قرأتُ وسمعت نبأ إعلان منح الرئيس الأمريكي باراك حسين أوبا ما، جائزة نوبل للسلام لعام 2009، في شهر تشرين الأول

(أكتوبر) الماضي، لجهوده الاستثنائية في تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب؛ كما جاء ذلك في أسباب منح تلك الجائزة من

لجنة نوبل المنظمة لتلك الجائزة، في العاصمة النرويجية أوسلو.

ولسبب بسيط هو أن العالم الغربي، أصبح منافقاً للأسف الشديد، و منحازاً للظالم على حساب المظلوم، والقضية الفلسطينية والصراع

العربي مع الحمل المدلل للغرب وأمريكا 'إسرائيل'، خير دليل على ذلك، فهي أي الدولة العبرية فوق كل القوانين الإنسانية وقرارات الشرعية

الدولية.

ولا نعرف ماهي الجهود التي استحق الرئيس أوباما عليها جائزة نوبل للسلام، وإستراتيجيته بشأن السلام في الشرق الأوسط، لازالت تواجه

بالرفض الإسرائيلي لها، ومجاهرة اليمين الإسرائيلي المتطرف بأنها غير ملزمة للإسرائيليين، أو الحكومة الإسرائيلية، بل لا نبالغ إذا قلنا

أن الحكومة الإسرائيلية قد قتلتها، وهي لا تزال في مهدها كـ مبادرة أمريكية للسلام، حينما حملها المبعوث الأمريكي للسلام إلى الشرق

الأوسط السيد جورج ميتشل، في شهر نيسان- أبريل الماضي، إلى تل أبيب، واعتبرت على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور

ليبرمان، بأنها تدخل خارجي في السياسة الإسرائيلية.

تسليم أوباما جائزة نوبل للسلام يوم الخميس الماضي، في مراسيم أقيمت بالعاصمة النرويجية أوسلو(البلد المانح لها)، وهي عبارة عن

ميدالية ذهبية عيار 18 قيراطاً، وشيك بمبلغ 10 ملايين كرويه سويدية، ما يعادل قرابة 1,42 مليون دولار.

يعد خطأ فادحاً بحق اللجنة المنظمة لهذه الجائزة، والمكونة من خمسة أعضاء، كان قد أمتنع ثلاثة منهم عن التصويت على منح أوباما

الجائزة، ولم يوافقوا إلا بعد ضغوط شديدة، ومعرفتهم بأن أوباما قادم لتسلمها، عقب إخباره بذلك.

نقول خطأً فادحاً لأن الرئيس باراك أوباما لم يقم بأي عملٍ تجاه تحريك عملية السلام في المنطقة العربية (الشرق الأوسط)، أو العالم برمته،

ناهيك عن اتخاذه لقرار قبل أيام يقضي بإرسال 30 ألف جندي أمريكي إضافي للمساعدة في الحرب ضد الإرهاب وتنظيم القاعدة الإسلامي

في أفغانستان. وكذلك خوض بلاده حرباً دموية غير مبررة على العراق العربي، عام 2003، وقتلت مليوني عراقي، وشردت ستة ملايين

آخرين. هذا إذا قمنا بذر الرماد على العيون، وقلنا بأن الولايات المتحدة ليست أكبر دولة نووية؛ استخدمت سلاحها الفتاك، المحرم دولياً ضد

العراقيين المدنيين العزل، والأهداف المدنية(القنابل الفسفورية النيترونية الصفراء الحارقة)، التي سحقت عظام الأطفال العراقيين دون

رحمة، في حربها ضد نظام البعث وصدام قبل ستة أعوام. ويريد الرئيس أوباما أن يضحك على عقول السذج من العرب بقوله في خطاب

تكريمه بانوبل' أن آليات الحرب ضرورية في بعض الأحيان، وخوضنا الحرب لا يعني عدم التزامنا بالأخلاقيات والقيم، وأن السلام هو

ممارسة حرية العبادة والتعبير من دون خوف.' ولم نسمع منه أي ردة فعل حول موافقة غالبية السويسريين، وفي استفتاء عام على منع بناء

المآذن الإسلامية في بلادهم. على الرغم أن عدد المساجد التي لها مآذن في سويسرا لا يتجاوز أربعة، من بين 160 مسجداً؛ وكذلك قرار

حزب الحرية اليميني المتطرف الهولندي، الذي طالب الحكومة الهولندية بإجراء استفتاء على حظر بناء المآذن في المساجد في هولندا، على

غرار الاستفتاء الذي أجرته سويسرا نهاية الشهر الماضي، وبل وذهب زعيم ذلك الحزب إلى ما هو أبعد من ذلك، ودعا إلى حظر القرآن

الكريم أيضاً، وأوباما يقول لنا حرية عبادة، ولا ندري كيف حرية العبادة تلك؟ وأوروبا تشهد تطرفاً غير مسبوق تجاه الدين الإسلامي

ورموزه الدينية ومقدساته كالمساجد والمآذن، ولن نستبعد حتى منع الآذان ولو بصوت منخفض. الرئيس أوباما باعتقادنا لا يستحق جائزة

نوبل

أوباما حتى في استطلاعات للرأي أظهرت أنه لا يستحق جائزة نوبل، وأظهر استطلاع للرأي أن نحو 33.5 في المئة من النرويجيين

يعتقدون ان الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين باراك اوباما لا يستحق جائزة نوبل. وفي الولايات المتحدة اظهر استطلاع أجرته جامعة

كوينيبياك شمل 2313 ناخبا مسجلا ونشر الثلاثاء أن نسبة الأمريكيين الذين يعتقدون ان أوباما لا يستحق الجائزة بلغت 66'.

نشعر بالأسى والحسرة، أن تمنح جائزة نوبل لهذا العام للرئيس الأمريكي باراك أوباما، على أقواله فقط، لا أفعاله، وهي التي كانت تمنح

سابقاً على الأفعال تجاه السلام والبيئة العالمية، لا الأقوال.



صاحب الرسالة



صاحب الرسالة
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله ، وبعد !
إنّ من عباد الله لأناس اختصهم بواسع فضله وعظيم منّه وجميل عطاياه .تحركوا بالدعوة وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها أو يموتوا في سبيلها ،فكانوا مع الدعوة وكانت الدعوة معهم وكانوا بالدعوة وكانت الدعوة بهم وعُرفوا بالدعوة وعُرفت الدعوة بهم ،هؤلاء هم الذين تولدت لديهم حاسة سادسة- أقوى من حواسهم الأساسية – هي حاسة الدعوة ،فهي لا تنفك عنهم في نوم أو يقظة ،في سكون أو حركة ، في رخاء أو شدة ، في فقر أو غنى ، هؤلاء حقاً هم أصحاب الرسالة مشافهةالذين آلات إليهم ملكيتها من مالك الملك مباشرة ، وورثوها عن رسول الله أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليهوأولئك هم مصابيح الهدى .أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين
من علاماتهم أنهم :

1- رهبان بالليل فرسان بالنهار :
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءإن صاحب الرسالة يقضي ليله قائماً ذاكراً اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )إِنَّمَا فهم كما قال الإمام علي كرم رضى الله عنة : [صافونيَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بأية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً ، وظنوا أنها نصب أعينهم ، وإذا مروا بأية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون من الله تعالى فكاك رقابهم ، وأما النهار فحلماي علماء ، أبرار أتقياء .قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ] [ يمسي وهمه الشكر ويصبح وهمه الذكر] . فهم كما وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىوصفهم الحق بقوله تعالى :
الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ .غَرَاماً (65) إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (66)
2- مهمومون بدعوتهم :
فالدعوة قد استحوذت على شغاف قلوبهم ولب عقولهم فامتلئوا باه شغلاً وانشغالاً ، وألهبت عواطفهم حباً ووجداناً ، وزادتهم هماً واهتماماً ، ومع ازدياد هذا الاهتمام تتضاءل باقي الاهتمامات في نفوسهم حتى يستولي على الواحد منهم هم واحد ألا وهو هم الدعوة ، فتراه لا يتكلم إلا بالدعوة ولا يغضب إلا للدعوة ولا يفرح إلا للدعوة ولا يخاف إلا على الدعوة ولا يبكي إلا على الدعوة ، أولئك الذين أخبر عنهم لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَىربهم أنهم ما عليهم من سبيل : وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً . أسوتهم في ذلك حبيب الله المدثر الذي ناداه ربهأَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) : وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ) فقام طيلة عمره رافعاً شعاراً له : (( مضى عهد(6(وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ )7) النوم يا خديجة )) ،(من يحميني حتى أبلغ دعوة ربي ) . وقدوتهم في ذلك صلاح الدين الأيوبي الذي كان يقول :[ كيف أضحك والقدس أسير ؟] وحسن ألبنا الذي كان يقول:[[وقفت نفسي لنشر دين الله في الأرض ]]،[[وددت لو أني أبلغ هذه الدعوة للجنين في بطن أمه ]] وكان يصف المجاهد :[ شخصاً قد أعد عدته وأخذ أهبته وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحي نفسه وجوانب قلبه فهو دائم التفكير عظيم الاهتمام ، على قدم الاستعداد أبداً ، إن دعي أجاب ، وإن نودي لبى ، غدوه ورواحه ، وحديثه وكلامه ، وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته ، يجاهد في سبيلها ، تقرأ في قسمات وجهه ، وترى في بريق عينيه ، وتسمع من فلتات لسانه ما يدلك على ما يضطر في قلبه من جوٍ لاصق وألم دفين وما تفيض به نفسه من عزمه صادقة وهمة عالية وغاية بعيدة ، أما المجاهد الذي يأكل ملء ماضغيه ويضحك ملء شدقيه وينام ملء جفنيه ويقضي وقته لاهيا لاعباً عابثاً فهيهات أن يكون من المجاهدين أو في عداد الفائزين ] .
3- يسحرون إمكانياتهم لخدمة دعوتهم :
فهؤلاء علموا يقيناً أن التجارة مع الله هي التجارة الرابحة وهي طوق النجاة كما قال سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) من أجل ذلك قرروا دون تردد أن يتاجروا مع الله(ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (12) برأس مالهم كله ، فوضعوا كل ما يملكون من إمكانيات وقدرات تحت تصرف الدعوة وحرصوا كل الحرص أن تكون لهم بصمة الدعوة في أي مكان يتواجدون فيه فعملوا لها على مسار حياتهم فألقوا السلام وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ونصروا المظلوم ونصحوا لله ورسوله وحببوا الله إلى الخلق وقربوا الناس إلى الخالق ، إذا رأى الواحد منهم فتوراً نفخ فيه من روحه ليقوى ، وإذا رأى انحرافاً صاح به ليستقيم ، ترقبوا الفرص فأصدع بما: وتخيروا مداخل النفوس ليصدعوا بدعوة الله ملبين نداء الله لرسوله ، استقر في وجدانهم وعشش في عقولهم أن هذا المكان إن لمتؤمر وأعرض عن المشركين
يشهد لي فسوف يشهد عليّ وهذه الوظيفة لم تكن لي فسوف تكون عليّ ، وتلك الوقفة إن لم تكن في حسناتي فربما تكون في سيئاتي ، فأقسموا بالله أن يشهد لهم الزمان والمكان والحجر والشجر والأنس والجن والموج والهواء .
4- يعطون ولا ينتظرون من أحد عطاء :
إن موظف الحكومة أو عامل الأجرة كثيراً ما يسأل نفسه ماذا أخذت من وظيفتي أو من حرفتي ؟ ونادراً ما يسأل نفسه ماذا أعطيت ؟ أما صاحب الرسالة فدائماً ما يسأل نفسه –مستقلاً ما قدمه – ماذا أعطيت لدعوتي ؟ وماذا قدمت لآخرتي ؟ وماذا يمكن أن أعطي ؟ وماذا بقي لم أعطه ؟ فهو لا يستكثر عليها وقتاً ولا جهداً لأنه يعتبر نفسه : ( رباطفي رباط دائم ويحتسب ذلك عند رب العزة سبحانه ممنياً نفسه بقول النبي يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ) متفق عليه . وهو في نفس الوقت حريص كل الحرص على الدقيقة بل على اللحظة أن تذهب سدى في غير طاعة فهو يخرج من تكليف إلى تكليف ومن طاعة إلى طاعة ، حتى إن أحدهم كان يقول : [أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يستأثروا به دوننا كلا والله لتزاحمنهم عليه زحاما حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالا] ، وكان صفوان بن سليم قد تعقدت ساقاه من طول القيام وبلغ من الاجتهاد ما لو قيل له القيامة غدا ما وُجد متزايدا ، وما ذلك بغريب على من تحصنوا وَيُطْعِمُونَبدرع الإخلاص ولبسوا رداء التجرد أملين أن يتحقق فيهم وصف ربنا الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11) وجزأهم وأن ينتسبوا إلى سجل المخلبِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12)صين الذين أرادهم الإمام ألبنا بقوله [ وأريد بالإخلاص :أن يقصد الأخ المسلم بقوله وعمله وجاهده كله وجهَ الله، وابتغاءَ مرضاته وحُسْنَ مثوبته، من غير نظرٍ إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدُّم أو تأخُّر، وبذلك يكون جندي فكرة وعقيدة لا جندي غرض ومنفعة] .
5- يقدمون الدعوة في اختياراتهم :
إن الله عز وجل قدم أشياء على أشياء وفرائض على فرائض ، وصاحب الرسالة يعلم أن الدعوة عند الله لها المكانة الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِالعظمى ، من أجل ذلك انتدب لها خيرة خلقه اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً وعدّها الله من أحسن الأقوال بقوله تعالى : حَسِيباً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ولذلك تبوأت الدعوة مكانة الصدارة في اختيار أصحاب الرسالة فهيالْمُسْلِمِينَ عندهم التي ترجح وظيفة على أخرى أو قراراً على غيره أو اختياراً دون سواه ، وإن هذا التقديم الذي جعل سيدنا صهيب رضي الله عنه ينخلع من كل ثروته دون تردد مهاجراً إلى ، وهو أيضاً الذي جعل سيدنا عثمان بن مظعون يفضل الأذى على منعة الجواررسول الله مردداً : [ إن عيني الأخرى لفقيرة لما أصاب أختها في الله ] ، وهو كذلك الذي جعل سيدنا مصعب يتجرد من كل مظاهر الرفاهية دون تباطؤ ، كما أنه هو الذي جعل الشاب – السيد منصور – سنة 48 أثناء جهاد الإخوان على أرض فلسطين يختم حياته شهيداً وهو يردد حتى آخر نفس : [ اللهم انصر دعوتنا وبارك أخوتنا ووفق مرشدنا ] .
6- يستشعرون المسئولية عن الكون كله :
إن طارق بن زياد بعد فتوحات أفريقيا وقف بجوده على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ناظراً إلى عمق البحر ، وهو يهتف قائلاً : [ اللهم لولا هذا البحر لفتحت الدنيا من أجلك اللهم فاشهد ] ، فما الذي جعله يستشعر المسئولية تجاه الدنيا إلا أنه اعتبر نفسه صاحب رسالة ولم لا وهو يتأسى برسول الله الذي علمه وعلمنا أن نقول صباح مساء: (اللهم ما أصبح -ما أمسى - بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك فلك الحمد ولك الشكر) ، ولم لا يفعل المسلم ذلك وقد وجدنا الفاروق يقول : [ لو أن بغلة عثرت في طريق العراق لوجدتني مسئولاً عنها ] ، ولم لا وهذا خامس الخلفاء الراشدين دخلت عليه فاطمة بنت عبد الملك- زوجته- وهو جالس فى مصلاه واضعًا خده على يده ودموعه تسيل على خده فقالت:مالك؟ فقال : ويحك يا فاطمة!، قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت فتفكرت فى الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود واليتيم المكسور والأرملة الوحيدة والمظلوم المقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير والمال القليل وأشباههم فى أقطار الأرض وأطراف البلاد، ، فخشيت أن لافعلمت أن ربى عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة. وأن خصمي دونهم محمد تثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت.
وختاماً أيها الأحباب :
فهؤلاء هم خلاصة البشرية وهم صفارة الإنذار التي تنذر بالخطر قبل حدوثه وهم صمام الأمان للدنيا بأسرها وهم رحيق الدعوة إذا ظمئت وطعامها إذا جاعت ، فاجتهد أن تكون منهم فإن لم تكن منهم فتلمس طريقهم وفز بفضل صحبتهم فلعل نفحة من رضا رب البرية أن تصيبك وأنت معهم ، فبمثلهم يتنزل النصر ويكشف الضر ويعم الخير وينتشر الأمن والإيمان


والحمد لله على نعمة الاسلام وكفى بها نعمه

وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين .



عدد الزوار